Secciones
Referencias
Resumen
Servicios
Descargas
HTML
ePub
PDF
Buscar
Fuente


مصطلحا الحب والعشق ودرجاتهما في المصادر المشرقية والأندلسية
Al-Andalus Magreb, no. 24, pp. 1-25, 2017
Universidad de Cádiz

Artículos

Al-Andalus Magreb
Universidad de Cádiz, España
ISSN-e: 2660-7697
Periodicity: Anual
no. 24, 2017

ملخص: لم يكن مصطلحا الحب والعشق في ظاهرهما ينطويان على نفس المعنى وفق منظور عامة الناس لهما، إذ لا تحمل دلالاتهما معانيَ مختلفة المشاعر والأحاسيس، نظير عدم إدراك الفروقات النفسية في درجاتهما، فغدا المصطلحان في نفس المعنى والمضمون، فارتبطا بشعر الغزل في المرأة دون سواها، باعتبار الحب والعشق يؤديان إلى "نوع من تقديس المرأة والإشادة بها والخضوع لسلطانها،..".

ووجَدَ المصطلحان ضالتهما في المصادر المشرقية والأندلسية التي أسست لهما تأسيساً مبنيّاً على تجربة عاشها أولئك الذين كتبوا عنه، ويأتي من ضمنها في المشرق: (رسالة في العشق والنساء) لعثمان عمرو بن بحر "الجاحظ"، والتي أوردها في مجموعة رسائله، كتاب (روضة المحبين ونزهة المشتاقين) لشمس الدين محمد بن أبي بكر الدمشقي الحنبلي، والمعروف ﺑ"ابن قيم الجوزية"، كتاب (الزُّهرة) للإمام محمد بن داود الظاهري، وكتاب (مصارع العشاق) لأبي محمد جعفر بن أحمد بن الحسين والمعروف ﺑ"أبو بكر البغدادي السراج"، وكتاب (طوق الحمامة في الأُلفة والأُلَّاف) لابن حزم الظاهري الأندلسي. فجاءت هذه الدراسة لتبحث هذا الحضور، والكشف عن الفروقات في درجات الحب والعشق، من خلال تتبعهما في بعض المصادر التي اخترناها، وما آلت إليه قراءتُنا حول الفروق اللغوية والنفسية لدرجات الحب والعشق، والتي جعلتهما يحملان دلالات مختلفة الشعور والإحساس، باختلاف طبقاتهما.

الكلمات المفتاحية: الحب, العشق, المصادر المشرقية والأندلسية.

Resumen: “Los términos ḥubb (amor) y ˁišq (pasión amorosa), y sus grados en las fuentes orientales y andalusíes”. Ambos términos son percibidos por el público en general como sinónimos que sirven para expresar la pasión amorosa que se siente por la mujer, como una suerte de sacralización y sometimiento al poder de la mujer, sin diferencias reales entre ambos. Sin embargo, el rastreo de diversas fuentes de literatura orientales y andalusíes nos ha permitido discernir diversos grados de amor y diversos términos para referirse a este concepto. En este estudio abordamos los dos términos citados y sus grados y categorías en las fuentes literarias orientales y andalusíes a través de las tres obras más importantes que tratan estos términos.

Palabras clave: Amor, pasión amorosa, fuentes de literatura oriental y andalusí.

Abstract: “The terms ḥubb (love) and ˁišq (passion) and their degrees in the Oriental and Andalusi sources”. Both terms, according to most people, are synonyms used to express the passion of love felt towards women, in a sort of sacralization of women and submission to their power. No real differences between them are perceived. However, a perusal of many sources of Oriental and Andalusi literature allowed us to discern different degrees of love and different terms to convey this meaning. Thus, the current study exposes the terms for love and passion and their degrees in Eastern and Andalusi literary sources through the three most important works ever known dealing with these terms.

Keywords: Love, Passion, Sources of Oriental and Andalusi literature.

جاء الحب في الفلسفة اليونانية -ممثلاً في سوفوكليس (496-405 ق م)([59])- أنه: "يُخفي بين ثناياه أسماء أخرى متعددة، إنه الموت والقوة التي لا تحول ولا تزول"([60])، والمتمعن في مسيرة الأدب العربي، تنكشف له حقيقة أن الحب والعشق ارتبطا بتعدد المشاعر النفسية التي عاشها الإنسان العربي في مسيرة الأدب العربي شعرا ونثرا. وبقراءتنا لهذين المصطلحين وتتبعهما في أمهات المصادر المشرقية والأندلسية، واخترنا منها 3 مصادر، والتي نعدها اللبنة الأساس لتأصيل مصطلحات الحب والعشق، في محاولة لتتبع المصطلحين وفق نظرة المؤلفين([61])، وهي نظرة أساسها التجربة الذاتية التي عاشها المؤلف من جهة، واختلاف درجات المصطلحين من جهة أخرى.

أولا: كتاب: (طوق الحمامة في الألفة والألاف)

([62])،كتاب ذاع صيته ضمن الإبداع الأندلسي، ألَّفه ابن حزم الظاهري (384هـ/ 994م - 456هـ/ 1064)([63])، وتصدى في مؤلفه لكل من حاول التقليل من الوقوع في الحب من زاوية دينية، وهو ما ذكره في (باب السفير): "وأما استحسانُ الحسن، وتمكّن الحبّ فطبعٌ لا يُؤمَرُ به ولا يُنهى عنه، إذ القلوبُ بيد مُقَلِّبها"([64])، وقدَّم ابن حزم الحب في ثلاثين بابًا، مراعيًا في ترتيبها لحظات الإحساس المشاعري التي عاشها من حيث البداية والنهاية، فجاء في مقدِّمته:" وهيأتها في الإيراد أولها هذا الباب الذي نحن فيه، وفيه صدر الرسالة وتقسيم الأبواب والكلام في باب ماهية الحب، ثم باب علامات الحب، ثم باب من أحب بالوصف، ثم باب من أحب من نظرة واحدة، ثم باب من لا يحب إلا مع المطاولة، ثم باب من أحب صفة لم يُحب بعدها غيرها مما يخالفها، ثم باب التعريض بالقول، ثم باب الإشارة بالعين، ثم باب المراسلة، ثم باب السفير، ثم باب طي السر، ثم باب الطاعة، ثم باب إذاعته، ثم باب المخالفة، ثم باب العاذل، ثم باب المساعد من الإخوان، ثم باب الرقيب، ثم باب الواشي، ثم باب الوصل، ثم باب الهجر، ثم باب الوفاء، ثم باب الغدر، ثم باب البين، ثم باب القنوع، ثم باب الضنى، ثم باب السلو، ثم باب الموت، ثم باب قبح المعصية، ثم باب فضل التعفف". لقد أسَّس ابن حزم فلسفته للحب على أن الحب ليس بمنكر في الديانة ولا محظور في الشرع، إذ القلوب بيد الله عز وجل، يقول:" وليس بمنكر في الديانة ولا بمحظور في الشريعة، إذ القلوب بيد الله عز وجل، وقد أحب من الخلفاء والأئمة الراشدين كثير، منهم بأندلسنا عبد الرحمن بن معاوية لدعجاء، والحكم بن هشام،..."([65]). وأحدث هذا المؤَّلَّف ضجة كبيرة في مجتمع الأندلس في تلك الفترة، إذ ظهر الكتاب في مجتمع شهد حالة من التناقض الديني والاخلاقي، إذ نجد هناك من نظر للحب من زاوية دينية أساسها التحريم "حسبنا أن نطلع على كتاب ابن حزم المُسمى "طوق الحمامة"؛ لنتحقق من أن الوسط الاجتماعي الذي عاش في كنفه لم يكن مجرد وسط مبتذل مستهتر حافل بالخمر والنساء والمنكرات، وإنما كان أيضاً وسطاً ثقافياً زاخراً بالعلوم والمعارف"([66])، فكان طوق الحمامة دليلا واضحا على حال المجتمع الأندلسي في عصر ابن حزم، الذي شهد "ازدواجية واضحة في حياة المجتمع الأندلسي وفي طريقة تفكيره وسلوكه ورؤيته للحياة، فهنا الدين والتقوى والورع وهناك الجهر بالمتع الحسية بلا حدود، وهناك الجمود والتزمت وهنا الشذوذ والانحلال.. وهي ظاهرة تحدث عنها الدكتور إحسان عباس في كتابه: "الشعر الأندلسي والأخلاق" وأتى بنماذج عديدة على هذه الازدواجية، منها مثلا: حديثه عن القاضي ابن ذكوان([67])،كيف يكون شديدا، وقورا في مجلس القضاء، ثم كيف يكون متحررا،...في مجلس الصفاء ومع جلسائه وأصدقائه، وتعليل هذه الازدواجية أن هذا المجتمع عاش أوضاعا خاصة، منها: تعدد العناصر والأجناس والطبقات التي كان يتكون منها، ومنها على المستوى السياسي، الخارجي الداخلي، هناك الفتن والحروب التي لا تهدأ إلا لفترات محدودة، والتقلبات السياسية المذهلة التي عاشتها الأندلس. وعلى مستوى آخر هناك مستحدثات الحضارة الأندلسية الباذخة، خاصة في الأوساط المترفة، من طرب ولهو ومجالس خمر، ورقص، وجواري ... إلخ."([68])، وعليه، فقد كان حديث ابن حزم عن الحبِّ ظاهرة فريدة في مجتمعه، على اعتبار أنه رجل التزم الدين في حياته وعليه كانت نظرة المجتمع القرطبي في زمانه تخالف ما ذهب إليه "يكون رجل دين وفقه يمارس الحب والعشق، فإن ذلك يستدعي التساؤل، ويثير الانتباه، ومن حق الجميع أن يتساءلوا، وأن يستغربوا مثل هذه الظواهر، وهو نفس الإحساس والشعور الذي انتاب ابن حزم وهو يكتب رسالته أن بعض المتعصبين سينكرون عليه تأليفه في الحب، ويفهمونه فهماً خاطئًا، وأشار بذلك في خاتمة كتابه: "وأنا أعلم أنه سينكر علي بعض المتعصبين على تأليفي لمثل هذا، ويقول: إنه خالف طريقته وتجافى عن وجهته، وما أحل لأحد أن يظن في غير ما قصدته، قال الله عز وجل: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ"([69]).

كتاب: (رَوضةُ المُحبِّين ونُزهَةُ المُشتاقِين)

للإمام شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب الدمشقي الحنبلي المعروف بابن قيِّم الجوزية المتوفى سنة 751هـ([70])،تناول فيه وصف المحبة ودرجاتها، إذ يرى أن الحب يرتكز في "تشاكل النفوس وتمازجها في الطباع المخلوقة، وبالمحبة وللمحبة وُجدت الأرض والسموات، وعليها فُطرت المخلوقات، ولها تحركت الأفلاك الدائرات([71]).وينقسم الكتاب إلى (29) بابًا في الحب والعشق، بدأها بباب ( في أسماء المحبة) وختمها بباب (ذمّ الهوى، وما في مخالفته من نيل المُنى)، وجاءت في مقدِّمته: "هذا الكتاب يصلح لسائر طبقات الناس، فإنه يصلح عونا على الدين وعلى الدنيا، ومرقاة للذة العاجلة، ولذة العُقبى، وفيه من ذكر أقسام المحبة وأحكامها ومتعلقاتها وصحيحها وفاسدها..."([72]). ويرى محقِّق الطبعة الأولى للكتاب في مقدمة تحقيقه أن ابن قيِّم كانت له أهداف عظيمة يسعى لتحقيقها، وآراء نبيلة يدعو للعمل بها، هي العودة بالدين إلى منابعه الأولى، واتباع منهج السلف الصالح في التشريع([73]).

كتاب: (روضة التعريف بالحبِّ الشريف)

للوزير لسان الدين بن الخطيب([74])، ألَّفه في أواخر حياته بعد أن جرَّب الحياة ورأى ما فيها من محنٍ وأخطار وجمال وقبح([75])،فجاء الكتاب نـِتاج تجربة صوفية عاشها ابن الخطيب في المرحلة الأخيرة من حياته، وهو الكتاب الذي يرى بعض المؤرخين أنه كان سببًا في مقتله. وقدَّم ابن الخطيب كتابه على أساس "الحب الإلهي"، معارضًا به كتاب "الحب والعشاق" لابن أبي حجلة التلمساني([76])وعنوانه "ديوان الصبابة". وما ميَّز الكتاب، المنهجية الجديدة التي جاء بها لسان الدين ابن الخطيب، حين رسم المحبة في صورة خيالية ممثلة في شجرة، أرضها النفس الإنسانية، وشبَّه ابن الخطيب نفسه بالطائر المُغنِّي على هذه الشجرة. وقسَّم كتابه إلى أقسام ستة: الأول: خطبة الأغراس وتوطئة الغراس، الثاني: الأسباب في الحب اللباب، الثالث: العمود المشتمل على القشر والعود، والجنى الموعود، الرابع: وهو الفرع الصاعد في الهواء على خط الاستواء من رأس العمود القائم إلى منتهى الوجود الدائم، الخامس: تفرغ ضخام الغصون من شجرة السر المصون، السادس: حوائج الشجرة، ومضار فلاحتها المعتبرة ([77]).

مصطلحا الحب والعشق ودرجاتهما:

لغويا، قيل إن الحب مشتق من "الحب الإناء الذي يجعل فيه الماء"([78])، "والحب: الجرة الضخمة، والحب: الخابية؛ وقال ابن دريد هو الذي يجعل فيه الماء"([79])، وقد فسَّر ابن الخطيب سبب هذا الاشتقاق فقال: "لأنه إذا امتلئا بالماء لم يسع فيه (غيره، وكذلك القلب إذا امتلأ بالمحبة لم يسع فيه) غير محبوبه"([80]). كما قيل إنه اشتق من الحباب بفتح (الحاء) وهو ما يعلو الماء عند المطر، وعند الغليان؛ لأن القلب (يغلي) ويهتاج ويطفو عليه مثل الحباب، شوقا إلى من يحبه"([81]). كما أن الحب بمثابة الثمرة لا بمثابة البذرة، وهذا يعني أنه مشتق من حبة القلب، وهو موضع ينشأ فيه الحب، فأخذ اسمه من محله، وهو سويداء القلب([82])، يقول الأزهري: حبة القلب هي العلقة السوداء، التي تكون داخل القلب، وهي حماطة القلب أيضا. يقال أصابت فلانة حبة قلب فلان إذا شغف قلبه حبها، وقال أبو عمرو: الحبة وسط القلب-([83])، وحماطة القلب: سواده([84])، وقولهم أصبت، أي: حبة قلبه([85]).

والمحبة في لسان العرب كناية عن: الإرادة المؤكدة، تقول: أردت أن أفعل كذا، وأحببت أن أفعل كذا، والفرق بينهما: أن الإرادة إن تعلَّقت بصفة أو فعل، كما تقول: أريد كرمك أو علمك أو قربك، قُيِّدت بما تعلقت به"([86])، وإذا كانت المحبة بالمشاكلة والمناسبة ثبتت وتمكَّنت ولم يُزِلها إلا مانعٌ أقوى من السبب، وإذا لم تكن بالمشاكلة فإنما هي محبَّةٌ لغرضٍ من الأغراض تزول عند انقضائه وتضمحل"([87])، والمحبة "اسم جامع لأقسام الحب والعشق"([88])، وهي ذات "معانٍ كثيرة، وكثيرا ما اشتق لفظها من فعل المحبة، واشتق أيضا من صفاتها"([89])، ويرى لسان الدين ابن الخطيب في هذا الجانب أن الفرق بينهما أن المحب لا يخلو إما أن يستعمل المحبة أو تستعمله، فإن استعملها وكان له فيها تكسب واختيار سمي محبا اصطلاحا، وإن استعملته المحبة بحيث لا يكون له فيها اختيار ولا تكسب سميَّ عشقا، فالمحب مريد، والعاشق مُراد([90])، فالعشق هو "اسم لما فضل عن المقدار سمي حبا، وهو الذي لا يقدر على كتمه، ولذلك شرط الرسول




فيه الكتمان"([91])، ومتى ما كان المحبوب في غاية الجمال، وشعور المحب بجماله أتمَّ شعور، والمناسبة التي بين الرُّوحين قوية، فذلك الحب اللازم الدائم، وقد يكون الجمال في نفسه ناقصا لكن هو في عين المحب كامل، فتكون قوة محبته بحسب ذلك الجمال عنده، فإن حبَّك للشيء يُعمي ويُصِم"([92]). ويخلط الكثير من الدارسين بين الحب والعشق، إلا أن النظرة الأدبية تفرِّق بينهما في درجة تمكن كل واحد منهما من قلب الرجل أو المرأة، وهو ما ذهب إليه لسان الدين بن الخطيب في معرض حديثه عن أقسام المحبة في قول: "وأقسامها التي بها تعرف، ومن أبوابها تتصرف: الهوى، الصبابة، التبتل، العلاقة، الولوع، الكلف، والشغف (والشعف)، العشق، الألفة، الغرام، الخلة، التتيم، الوله، والتدله"([93]). واعتمادا على مفاهيمها، فإننا نقسم درجات المحبة في هذا الجدول:




1. باب الحب:

أ‌) قسم الهوى:

الهوى هو "ميل الطبع إلى ما يلائمه، وهذا الميل خلق في الإنسان لضرورة بقائه، فإنه لولا ميله إلى المطعم والمشرب ما أكل ولا شرب، فالهوى مستحثٌّ لها لما يريده"([95])، وهو أول أقسام باب الحب، وأول درجة من النشأة والتطور، وهو "مشتق من السقوط"([96])، وقيل إنه "مشتق من الهوى، وهو الوقوع"([97])، "أما الهوى: فهو مشتق من السقوط، قال الله عز وجل: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى}([98])، أي: سقط جنح للغروب، ومعناه: ميل القلب وسرعة تقلبه لأجل المحبة، كما يسرع الهواء التغير لشدة صفائه ولطافته"([99])، إلا أن صاحب اللسان يفض اللبس في قوله: "والهوى، مقصور: هوى النفس"([100])، وكذلك في قوله: "الهوى مقصور هوى الضمير"([101])، وفي قول ابن قيم الجوزية: "وأما الهوى فهو ميل النفس إلى الشيء وفعله: هوي يهوى هَوَى، مثل: عَمِيَ يعمَى عمى"([102])، دليل على أن الهوى إنما هو مقترن بالنفس لصيق بها؛ فيكون السقوط الذي يتحمله معناه، هو السقوط المعنوي للرجل في حب المرأة، ومن ذلك قولهم: "والمحب قد سقط في هوة الوجد"([103]). "ويقال: إنما سمي هوى لأنه يهوي بصاحبه"([104])، والهوى هو نتيجة لما هو اختيار؛ فـ "النظر والتفكر والتعرض للمحبة أمر اختياري،... وهذا بمنزلة السكر من شرب الخمر، فإن تناول المسكر اختياري وما يتولد عنه السكر اضطراري، فمتى كان السبب محظورا، لم يكن السكران معذورا، ولا ريب أن متابعة النظر واستدامة الفكر بمنزلة شرب المسكر فهو يلام على السبب"([105]). ولعل الجانب المهم هنا هو الهوى الحسن العفيف " وأما ما يقع من أول وهلة ببعض أعراض الاستحسان الجسدي، واستطراف البصر الذي لا يجاوز الألوان، وهذا سر الشهوة ومعناها على الحقيقة، فإنما هذا من جهة الشهوة وهي على المجاز تسمى محبة لا على التحقيق"([106])، وهذا أمر يخصُّ الرجل الذي ينظر للمرأة نظرة حسية سطحية.

ب. قسم العلق:

العلق والعلاقة: هو الحب الملازم للقلب، وهي مشتقّة من التعلــق([107]). والعلق يأخذ معنى الهوى، ويتجانس معه في البداية من حيث إنه يتليه، ويفوقه في الصفات؛ فأما أنه يأخذ معنى الهوى؛ فمن قولهم: "العلق الهوى"([108])، ومن قولهم:" علقتها وعلق حبها أي: هويتها"([109]). وإذا كان التعلق بمعنى اللزوم؛ فحري بقولهم: "نظرة من ذي علق"([110])، تعني لزوم النظر، بل والإمعان فيه حتى يلازم الحب القلب، ومن ذلك سمي العلق" علاقة لتعلق القلب بالمحبوب"([111]). ومعنى اللزوم أو ملازمة النظر و"تكراره"، هو ما يجعل من مقدار العلق أعلى من الهوى، يقول الشاعر قيس بن ذريح([112]):




وقال الشاعر([113]):




ج) قسم الولوع والغرام:

الغرام هو "الحب اللازم، يقال: رجلٌ مُغرمٌ بالحبِّ، أي: قد لزمه الحب، وأصل المادة من اللزوم، ومنه قولهم: رجلٌ مُغرَمٌ من الغُرْم أو الدَين"([114])، والولوع والغرام "هو الذي لازم صاحبه فلا يفارقه فهما بمعنى واحد، أغرم بالشيء أي أولع به"([115])، وما يجعل الولوع والغرام مقدارين يفوقان مقدار العلق؛ أنهما يتصفان بالإلحاح في الملازمة والحرص على عدم وقوع الفراق، وهذه الملازمة ليست بمعنى تكرار النظر الذي يثبت الحب في القلب، كما هو في العلق، إنما هي بمعنى المصاحبة ولوعا في حل وارتحال، وحركات وسكنات المحبوب، فترى المحب "يتنقل بتنقل المحبوب، وينزوي بانزوائه، ويميل حيث مال، كالحرباء مع الشمس،... ومنها الإقبال بالحديث، فما يكاد يقبل على سوى محبوبه ولو تعمد ذلك، وإن التكلف ليستبين لمن يرمقه فيه؛ والإنصات لحديثه إذا حدث، واستغراب كل ما يأتي به ولو أنه عين المحال وخرق العادات؛ وتصديقه وإن كذب؛ وموافقته وإن ظلم؛ والشهادة له وإن جار، واتباعه كيف سلك، وأي وجه من وجوه القول تناول؛ ومنها الإسراع بالسير نحو المكان الذي يكون فيه؛ والتعمد للقعود بقربه والدنو منه؛ والتباطؤ في المشي عند القيام عنه"([116]).

د) قسم الأُلْفَة:

يقال: ألِفته إلفًا، وألفته: أنِسْت به ولزمته وأحببته، "أما الألفة فهي أول مقام من مقامات الحب، عدت في أسبابه. وهي الممازحة ويستدعيها الأنس باستقراء محاسن المحبوب"([117])، وعلى أنها مقام من مقامات الحب وأسبابه، إلا أن الألفة تقع باستقراء محاسن المحبوب والاستئناس بها. وإذا كان ما تقدم ذكره من هوى بمعنى السقوط المعنوي في حب المرأة، ومن علق بمعنى ملاحقة المحبوب بالنظرات تلو النظرات حتى يتعلق القلب به شيئا فشيئا، ومن ولوع وغرام بمعنى الإلحاح في ملازمة المحبوب في حركاته مع حذر الفراق في سري الوصال، ومن ألفه بمعنى استقراء محاسن المحبوب الطبيعية والمزاجية والنفسية؛ فإن الظروف تكون مهيأة لبلوغ قسم الحب في أحسن تجلياته، وباستيفاء المرء كل تلك المقادير والبدايات والأسباب، يكون الارتقاء إلى درجة الحب، ويحق للمرء حينها أن يسمى محبا على وجه التحقيق.

هـ) قسم الحب:

قيل إن الحب مشتق من "الحب الأناء الذي يجعل فيه الماء"([118])، "والحب: الجرة الضخمة، والحب: الخابية؛ وقال ابن دريد هو الذي يجعل فيه الماء"([119])، وقد فسَّر ابن الخطيب سبب هذا الاشتقاق فقال: "لأنه إذا امتلئا بالماء لم يسع فيه (غيره، وكذلك القلب إذا امتلأ بالمحبة لم يسع فيه) غير محبوبه"([120]). كما قيل إنه اشتق من الحباب بفتح (الحاء) وهو ما يعلو الماء عند المطر، وعند الغليان؛ لأن القلب (يغلي) ويهتاج ويطفو عليه مثل الحباب، شوقا إلى من يحبه"([121])، وقيل "اشتق من حباب الماء وهو معظم الماء بأن المحبة معظم ما في القلب من المهمات"([122])، فعلى هذه المحبة غليان القلب وثورانه عند الاهتياج إلى لقاء المحبوب، وقيل: مشتقة من اللزوم والثبات، ومنه أحب البعير إذا برك فلم يَقُم"([123])، وفسَّر ابن الخطيب سبب هذا الاشتقاق بقوله: "لأن المحب لا يرح بقلبه عن ذكر المحبوب، بعد أن وقع في المحبة، ولا يقدر على الانفكاك"([124]). وقيل إن الحب مشتق من حبب الأسنان، وهو بياض التي بها الصفاء، وسميت بذلك لما يستلزم قلب المحب من الصفاء واللألاء-([125])، وقيل إن اشتقاقه هو من المحبة، وهو برز النبات.

وإذا كان الحب بمثابة الثمرة لا بمثابة البذرة، فالصواب أنه مشتق من حبة القلب، وهو موضع ينشأ فيه الحب، فأخذ اسمه من محله، وهو سويداء القلب([126])، وحبة القلب: ثمرته وسويداؤه، وهي هنة سوداء فيه؛" وقيل: هي زنمة جوفه-([127])، يقول الأزهري: حبة القلب هي العلقة السوداء، التي تكون داخل القلب، وهي حماطة القلب أيضا. يقال أصابت فلانة حبة قلب فلان إذا شغف قلبه حبها، وقال أبو عمرو: الحبة وسط القلب-([128])، وحماطة القلب: سواده([129])، وقولهم أصبت، أي: حبة قلبه([130]).

2. باب العِشْق:

أ) قسم العِشْق:

العشق "فَرْط الحب، وقد عشِقَها عِشقا مثل علم عِلما وَعَشَقَا.. ورجل عشيق، أي: كثير العشق"([131]). وإذا كان الهوى بداية درجة النشأة والتطور في الباب المقترن بالوصل؛ فإن العشق هو بداية درجة المرض النفسي في باب العشق المقترن بالهجر، قال بعض الفلاسفة: "العشق طمعٌ يتولَّد في القلب ويتحرك وينمي، ثم يتربى ويجتمع إليه مواد من الحرص، وكلما قوي ازداد صاحبه في الاهتياج والتمادي في الطمع والحرص على الطلب"([132])، وقال بعض الأطباء: العشقُ امتزاجٌ بالرُّوح لما بينهما من التناسب والتشاكل، فإذا امتزج الماء بالماء امتنع تخليص بعضه من بعض، لذلك تبلغ المحبة بين الشخصين حتى يتألم أحدهما بتألم الآخر، ويسقم بسقمه وهو لا يشعر"([133]). إن سمة الهجر التي نتج عنها الإفراط في الحب، جعلت من قسم العشق مرضا، عدَّه الأطباء من الأمراض النفسانية وقرروا علاجه([134])، وقال بعض الفلاسفة: العشق طمع يتولد في القلب ويتحرك وينمو، وعدَّه الأطباء قاطبة مرض وسواسي شبيه بالماليخوليا([135])، وسببه النفساني الاستحسان والفكر، وسببه البدني ارتفاع بخار رديء على الدماغ([136]). وسُئل أبو العباس أحمد بن يحيى عن الحب والعشق: أيهما أحمد. فقال: الحب؛ لأن العشق فيه إفراط، وسمي عاشقا لأنه يذبل كما تذبل العشقة إذا قطعت([137]). واختلف الناس في العشق، هل هو اختياري أو اضطراري خارج عن مقدور البشر؟، فقالت فرقة: هو اضطراري وليس باختياري، قالوا: وهو بمنزلة محبة الظمآن للماء البارد، والجائِع للطعام... وقال بعضهم: والله لو كان لي من الأمر شيءٌ ما عذَّبتُ عاشقا، لأن ذنوب العُشَّاق اضطرارية"([138])، وسئل بعض الأطباء عن العشق فقالوا: إن وقوعه بأهله ليس باختيار منهم، ولا بحرصهم عليه، ولا لذة لأكثرهم فيه، ولكن وقوعه بهم كوقوع العِلل، والأمراض المُتلِفة، لا فرق بينه وبين ذلك"، قال الشاعر([139]):




وهذا بمنزلة السكر من شُرب الخمر، فإن تناول المسكر اختياري وما يتولد عنه السكر اضطراري، فمتى كان السبب واقعا باختياره لم يكن معذورا"([140])، وقال العباس بن الأحنف([141]):




وقال الشاعر الأحوص([142]):




ويمكن القول إن العشق أعلى مقدارا من الحب، وهو غير الحب ولا يحق تسمية هذا بذلك، ويبين المتنبي التدرج بين قسمي الحب والعشق، في قوله([143]):




ب) الصَبَابَة:

الصَبَابَة في اللغة بمعنى العشق([144])، وقال في الصحاح: هي رقة الشوق وحرارته، يقال: رجل صَبٌّ عاشقٌ مشتاق، ويقال هذا أَصَبُّ من هذا، أي: أرقُّ شوقاً. وقد صبِبتَ يا رجلُ بالكسر"" فبالمحبة وللمحبة وُجدت الأرض والسموات، وعليها فُطرت المخلوقات، ولها تحركت الأفلاك الدائرات"([145])، وعن ابن الأعرابي: صَبَّ الرجل إِذا عَشِقَ يَصَبُّ صَبابة، ورجل صَبٌّ، ورجلان صَبَّان، ورجال صَبُّون، وامرأَتان صَبَّتان، ونساء صَبَّات([146])؛ فالصبابة إذن، هي بمعنى العشق، وهذا ما يجعلها تتمثل معانيه وتتصف بأحواله، فهي تتخذ معنى الشوق؛ وقيل رقته وحرارته([147])، ومن ذلك قولهم: الصب العاشق المشتاق([148])، ونجد المتنبي يقول([149]):




ج) قسم الكِلْفُ:

الكَلَف هو من أسماء الحب، يقال: كَلِفتُ بهذا الأمر، أي: أُولعت به فأنا كَلِفٌ به، وأصل اللفظة من الكُلْفة والمشقَّة، يقال: كَلَّفَه تكليفا إذا أمره بما يشُقُّ"([150])، والكلف هو شدة الحب الذي لا يقدر صاحبه على التصبر إلا بتكلف، يقال: كلفت بهذا الأمر، أي: أولعت به.([151]) وهنا نكتشف أن الكلف أعلى من الحب؛ لأن فيه الشدة، وهو ليس من الحب؛ لأنه مقترن بالهجر، وجعلنا الكلف أعلى من الحب؛ لأن فيه الشدة، وهو ليس من الحب؛ لأنه مقترن بالهجر، وجعلنا الكلف أعلى مقدارا من قسمي العشق والصبابة؛ لأن من وجهة نظرنا أن الذي يعتريه الكتمان، والصبابة التي تفضله برقة الشوق، يجعلان من العاشق الصب في حالة نفسية مزرية، ينقلب بين نارين: نار الكتمان وحرقة الشوق، "وما هي إلا أن يسأل عن حاله، أو ينظر إلى مشوقته حتى يجهر ويزفر بمكنونه، عن قلبه حرارات العشق والشوق"([152]):




د) قسم الجَــوَى:

نجد الجَــوَى في معاجم اللغة في مادة (جَوِيَ): فلانٌ جَوِيَ جَوًى: مرِضَ صدرُه، وجَوِيَ اشتدَّ وَجْدُهُ من عِشْق أَو حزن([153])، كما في قول الخنساء:




وفي قول الشاعر([154]):




وقول البحتري:




وتراكمت أقسام المرض النفساني لتصب كلها في معنى الجوى، فهو كل داء يأخذ في الباطن لا يستمر معه الطعام([155])، حتى ينصرف العاشق عن ضرورات البقاء؛ من مأكل ومشرب وملبس، مهملا صحته للنسيان([156]).

هـ) قسم الشَعَـفْ:

جاءت كلمة الشَعَـفْ في معاجم اللغة في مادة (ش ع ف): شَعَفَهُ الْحُبُّ يَشْعَفُهُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ فِيهِمَا(شَعَفًا) بِفَتْحَتَيْنِ: أَحْرَقَ قَلْبَهُ وَقِيلَ أَمْرَضَهُ، وبالتالي فإن الشعف (بالعين المهملة) هو إحراق المحب مع لذة يجدها المحب، ومثله اللوعة واللاعج والبلبال. قال صاحب التاج: شعفه الحب أحرق قلبه. والظاهر أن الشعف هو حرقة وألم يعلوان نياط القلب بدليل أن شعفة القلب هي رأسه عند معلق النياط([157])، ومعنى شغف بفلان إذا ارتفع حبه إلى أعلى المواضع من قلبه([158])، وهو كما يقال: يكون بمعنى علا حبها على قلبه([159])، وقرأ الحسن البصري قول الله تعالى:{قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا}([160])، بالعين المهملة فقال: (شعفها حبا)، وهو من قولهم شعفت بها كأنه ذهب كل مذهب، وقيل بطنها حبا([161]). ونقول هنا: إن الشعف يصيب طرف القلب وباطنه على حد سواء؛ ومن ذلك قولهم: شعفه بها إذا ذهب بفؤاده مثل شعفه المرض إذا أذابه. وشعفه الحب: أحرق قلبه، وقيل أمرضه([162]). وإذا اعتمدنا على معاني أقسام درجة المرض النفسي؛ من كتمان وحرمان، وشوق وشقاء وشغل قلب؛ فإن الشعف سيكون أول تجليات المرض العضوي؛ وقد مثل امرؤ القيس لهذا الشعف قائلا([163]):




وقول كعب بن زهير:




و) قسم الشَغَــف:

الشغف في معاجم اللغة في مادة (ش غ ف)، والشَّغَافُ (بالفتح) غلاف القلب، وهي شَحْمَةٌ تكونُ لِباساً لِلْقَلْبِ، يقال شَغَفَهُ الحب أي بلغ شغافه، وشغاف القلب جلدة دونه، وهي الغشاء المحتوي على القلب حسبما يظهر في الحيوان([164])، وإذا كان الشغف بمعنى استعلاء الحرقة والمرض أو استبطانها سويداء القلب؛ فإن الشغف داء ينتشر في شغاف القلب كله، إذا اعتبرنا الشغاف: غلاف القلب أو غشاءه([165])، وفي قوله تعالى:{وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً}([166])، حسم في معنى هذا القسم، وقرأ الحسن البصري هذه الآية (بالعين المهملة)، وفسَّرها عبدالله بن العباس حبر الأمة وترجمانها قائلا: قد شغفها حبا، قال: دخل حبه تحت شغافها، وقيل غشى الحب قلبها، وقيل أصاب شغافها([167])، وفي رواية أخرى قال ابن العباس: دخل تحت شغافها([168]). واختلفت القراءات والآراء في معنى الشغف، لكنها كلها اتفقت بين تلميح وتصريح على أن الشغاف – يقال لحجاب القلب، وهي شحمة تكون لباسا للقلب..، وإذا وصل الداء إلى الشغاف فلازمه مرض القلب ولم يصح([169])، وقد سمي الداء شغافا باسم شغاف القلب([170]). ويمكننا تفسير سبب تقديمنا قسم الشغف؛ لأن الثاني يزيد عن الأول في كونه داء ينتشر حول القلب كله، بينما الأول لا يتعدى استعلاء القلب تارة، واستبطانه تارة أخرى.

ز) قسم الخِلَّة:

الخُلَّة "توحيد المحبة، فالخليل هو الذي توحد حبُّه لمحبوبه، وهي رتبة لا تقبل المشاركة، وبهذا اختص بها في العالم الخليلان إبراهيم ومحمد صلوات الله وسلامه عليهما، كما قال الله تعالى:"وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا".. ولما كانت الخُلة مرتبة لا تقبل المشاركة امتحن الله سبحانه إبراهيم الخليل بذبح ولده لما أخذ شعبةً من قلبه، فأراد الله أن يخلص تلك الشعبة له ولا تكون لغيره، فامتحنه بذبح ولده، والمراد ذبحه من قلبه، لا ذبحة بالمُدية"([171])، والخلة "أن يتخلل الحب جميع الأعضاء واللحم والدم، وسمي المحبوب خليلا، أي: محبوبا" ([172])




ومن ذلك قول الله تعالى:{الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ}([173])، وفيها حديث الرسول




" لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلا لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلا"، والحديث الآخر: "الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ". إلا أنها قد تكون أكثر خصوصية من المودة والصداقة، إذا كانت بين المرأة والرجل، فتكون الأنثى خليلة، كنحو قولنا عشيقة، والخلة: الزوجة، ومن ذلك قول ليلى الأخيلية لمحبوبها:




ح) قسم التَّبْل:

التبالة "من تَبَله إذا أفناه، قال الجوهري: تَبَلهم الدهر وأتبلهم إذا أفناهم"([178])، والتَّبْل أَن يُسْقِم الهوى الإِنسان، يقال: رجل مَتْبُولٌ، تبله الحب أي أسقمه، وأفسده وقطعه، والتبل القطع([179])، يقول صاحب اللسان: وتَبَلهُ الحُبُّ وأَتْبَلَهُ، أي: أسقمَه وأفسَده([180])، وهو كما ورد أعلاه: أفسده وقطعه، وتبلت المرأة فؤاد الرجل تبلا: كأنما أصابته بتبل؛.. والتبل أن يسقم الهوى الإنسان([181]).

والتبل هو أكثر من مرض عضوي؛ لنقل إنه قسم انتقالي مزدوج الوظيفة، فهو بمثابة قسم الجوى من قسم الشغف، كونهما الرابطة بين درجتي المرض النفساني والمرض العضوي، ونذكر هنا بيت قيس ابن ذريح([182]):




وقول كعب ابن زهير في مطلع بردته([183]):




والملاحظ هنا أن الشاعرين أتْبَعا التبل بالجنون؛ فالأول بقوله: مخبول، والخبل من موجبات العشق وآثاره لا من أسمائه، وإن ذكر من أسمائه فإن أصله الفساد وجمعه خبول، والخبل بالتحريك الجن، يقال به خبل، أي شيء من أهل الأرض، وقد خبله وخبله واختبله: إذا أفسد عقله أو عضوه، ورجل مخبل وهو نوع من الجنون والفساد([184]). وليس من الغريب أن نجد ابن منظور يتبع التبل بالهيام، وهو كذلك قسم من درجة الجنون، في قوله: قلب متبول إذا غلبه الحب وهيمه([185])، وما يؤكد أن التبل يصيب حظا من لوثة الجنون قولهم: تبله تبلا ذهب بعقله([186]).

ط) قسم التتيم:

التَّيْمُ أَن يَسْتَعْبده الهَوَى وقد تامَه، ومنه تَيْمُ الله وهو ذَهابُ العقل من الهَوى، ورجل مُتَيَّم، وقيل التَّيم ذهاب العقل وفساده، وفي قصيدة كعب: مُتَيَّم إِثْرها لم يُفْدَ مَكْبولُ، أَي: مُعَبَّد مُذَلَّل وتيَّمَه الحبُّ إِذا اسْتولى عليه، وتَيَّمَهُ الحُبُّ، أي عَبَّدَهُ وذلَّلَه، فهو مُتَيَّمٌ([187])، وهذا القسم هو أسمى أقسام العشق وأصدقهم، وللأسف هو كذلك أول أقسام درجة الجنون، وقد نتساءل كيف يمكن أن يكون التتيم قسما ساميا من أقسام العشق، وهو في نفس الوقت بوابة للجنون؟

إن التتيم قسم تكون فيه حالة المتيم أشبه بحالات المنقطعين زهدا وتصوفا، ويكون التذلل للمحبوبة المعبودة، فهو في الحب بمثابة العز كله "والحب مبني على الذل، ولا يأنف العزيز للذي من ذله لمحبوبه، ولا يعد نقصا ولا عيبا، بل كثير منهم يعد ذله عزا"([188])، قال الشاعر([189]):




ومن ذلك قول المتنبي([190]):




وقيل: "التيم أن يستعبده الهوى"([191])، وقيل: "التيم ذهاب العقل وفساده"([192])، من كل هذه المعاني يظهر أن عبادة العشاق هي عبادة اضطرارية لو خيروا فيها لاختاروا غيرها؛ فهي ضلال للقلب، واستعباد للنفس وفساد، وفصل ابن القيم قسم التتيم وقسم التعبد في قوله: "وأما التعبد فهو غاية الحب وغاية الذل...، ولا تصلح هذه المرتبة لأحد غير الله عز وجل، ولا يغفر الله سبحانه لمن أشرك به في عبادته، ويغفر ما دون ذلك لمن شاء"([193]).

ي) قسم الوَلَه:

جاء الوله في معاجم اللغة بمعنى الحزن، وقيل هو ذهاب العقل والتحير من شدّة الوجد أَو الحزن أَو الخوف، والوَلَهُ ذهاب العقل لفِقْدانِ الحبيب وَلهَ يَلِه، وفي مختار الصحاح جاءت مادة ( و ل ه) بمعنى: الوَلَهُ ذهاب العقل والتحير من شدة الوجد، وقد وَلِه بالكسر يوله وَلَهاً، ووَلَهَاناً أيضا بفتح اللام، وتَوَلَّه واتَّلَه، ورجل وَالِه، وامرأة وَالِهٌ أيضًا([194])، يقول الأعشى يذكر بقرة أَكل السباع ولدها:




وفي (الصحاح في اللغة): "الوَلهُ: ذهابُ العقل، والتحيُّرُ من شدة الوجد، ورجلٌ والِهٌ، وامرأةٌ والِهٌ ووالِهَةٌ"([195])، و"الوله: الحزن، قيل: هو ذهاب العقل والتحير من شدة الوجد أو الحزن أو الخوف. والوله ذهاب العقل لفقدان الحبيب"([196]). وهنا يمكن القول إن مقدار الوله يفوق مقدار التتيم؛ إذ إنه مرتبط بالتوجس من فقدان الحبيب.

ك) قسم الدَّلْه/ الدَّلَه:

الدَّلْه بمعنى الوله؛ "ففي الصحاح: والتَدْليهُ: ذهاب العقل من الهوى، يقال: دَلَّهَهُ الحبُّ، أي: حيره وأدهشه، ودَلِهَ هو يَدْلَه"([197])، والدَّلْهُ والدَّلَهُ: ذهابُ الفُؤاد من هَمٍّ أَو نحوه كما يَدْلَهُ عقل الإِنسان من عشق أَو غيره، وقد دَلَّهَهُ الهَمُّ أَو العِشْقُ فتَدَلَّه، والمرأَةُ تَدَلَّهُ على ولدها إِذا فَقَدَتْه([198])، و"المُدَلَّهُ الذي لا يحفظ ما فَعل ولا ما فُعِلَ به"([199]). وقول "أبو عبيد: رجل مُدَلَّه إذا كان ساهي القلب ذاهب العقل"([200]). وقولهم: "ورجل دَالِهٌ ودالِهَةٌ ضعيف النَّفْس"([201]). إن هذه الآراء تجعلنا نقول إن مقدار الدله هو أكثر من مقدار الوله، وحالة المُدَلَّه تكون أسوأ من حالة المُوْلَه؛ ففؤاد المدله يكون مغمورا بالهم، مع ضعف نفسه وذوبانها في ذكر وذكرى محبوبته.

ل) قسم الهُيَامُ:

الهُيَامُ "الجُنون من العشق"([202])، و"الهائم: المتحير"([203])، و"الهيام الهُيُومُ وهُوَ أنْ يَذْهَبَ عَلَى وَجْهِهِ لِغَلَبَةِ الهَوَى عَلَيهِ ومِنْهُ رَجُل هَائِم. فقد قال صاحب التاج: هامَ على وَجْهِه يَهِيمُ هَيْماً وهَيَماناً ذهبَ من العِشْقِ وغيره"([204])، وهو أيضا" الذاهبُ على وجهه عِشْقاً"([205]). والاسم الهُيامُ، ورجل هَيْمانُ: مُحِبٌّ شديدُ الوَجْدِ، والهَيْمُ مصدرُ هامَ يَهِيم هَيْماً وهَيَماناً إذا أَحَبَّ المرأَةَ، والهُيَّامُ: العُشّاقُ، وقلبٌ مُسْتهامٌ أَي هائمٌ، والهَيْمُ: هَيَمانُ العاشق والشاعرِ إذا خلا في الصحراء"([206])، ويقول الله عز وجل في سورة الشعراء:{أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ}([207])، "قال بعضهم هو وادي الصحراء يخلو فيه العاشق الشاعر؛ ويقال هو وادي الكلام، والله أعلم"([208])، وقيل كذلك أن "الهيام: بالضم: شدة العطش"([209])، ومن ذلك قول تعالى: {فَشَارِبُونَ شُرْب الْهِيم}([210]). والأمر الأكثر جدة في معانيه، هو أنه يجمع بين خلوة العاشق وخلوة الشاعر، وهذا أمر إن أردنا أن نمثل له بشاعر عاشق فلن نجد خيرا من قيس ابن الملوح والذي لقب ب "المجنون لذهاب عقله بشدة عشقه"([211])، وقد "تمادى به الأمر، حتى ذهب عقله، وهام مع الوحش، فكان لا يلبس ثوبا إلا خرقة، ولا يعقل شيئا إلا تذكر له ليلى، فإذا ذكرت له ثاب وتحدث عنها لا يسقط حرفا"([212])، وفي الهيام نجد المتنبي يقول واصفا حال المحب:




ونضرب مثالًا آخرًا لابن ابن زيدون في قصيدته النونية:




هذا هو الحب، بمختلف طبقاته ودرجاته، وهذا هو العشق باختلاف مفاهيمه، وإن كُنا لا نعرف من المصطلحين إلا ظاهر المعنى، فاختلفا في درجاتهما باختلاف حالات وجدانية مشاعرية، لا يعلمها إلا من عاش مراحلهما.

المصادر:

الحميدي، أبو عبد الله محمد بن فتوح بن عبد الله، جذوة المقتبس في تاريخ علماء الأندلس، تحقيق. بشار عواد معروف، دار الغرب الإسلامي، تونس، ط 1، 2008.

ابن الخطيب، لسان الدين، روضة التعريف بالحبِّ الشريف، تحقيق وتعليق وتقديم. عبد القادر أحمد عطا، دار الفكر العربي، القاهرة، 1968.

ابن الخطيب، لسان الدين، روضة التعريف بالحبِّ الشريف، عارضه بأصوله وعلق حواشيه بتقديم محمد الكتاني، مطبعة دار الثقافة، الدار البيضاء، 1972.

البغدادي، صاعد بن أحمد بن صاعد الأندلسي (تـ 462 هـ)، طبقات الأمم، تحقيق. حياة بو علوان، دار الطليعة، بيروت، ط 1، 1985.

الجوزية، ابن قيم، روضة المحبين ونزهة المشتاقين، فسَّر غريبه وراجعه صابر يوسف، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، ط 1، 1982.

الجوزية، ابن قيم، روضةُ المُحبِّين ونُزهَةُ المُشتاقِين، خرَّج آياته وأحادثه ووضع حواشيه أحمد شمس الدين، وزارة الثقافة، المملكة الأردنية، عمَّان، 2010.

الدينوري، ابن قتيبة (تـ 276 هـ)، الشعر والشعراء، تحقيق. مفيد قميحة، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 2، 1985.

الظاهري، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي (تـ 456 هـ)، طوق الحمامة في الألفة والألاف، تحقيق. إحسان عباس، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ط 2، 1987.

النويري، أحمد بن عبد الوهاب، نهاية الأرب في فنون الأدب، تحقيق. فهيم شلتوت نشر، دار الكتب المصرية، القاهرة ط 1، 1998.

المراجع:

ابن منظور، محمد بن مكرم بن منظور الافريقي المصري، لسان العرب، دار الفكر، بيروت، ط 3، 1994.

أنتيجوني ، سوفوكليس ، ترجمة. منيرة كروان، المجلس الأعلى للثقافة، المركز القومي للترجمة، القاهرة، ط 1 ، 2006.

العظم، د. صادق جلال، في الحب والحب العذري، دار المدى للثقافة والنشر، سوريا ، ط 8 ، 2007

أهامي، محمد أحلوش، الترجمة الذاتية في الأدب الأندلسي من خلال أعمال ابن حزم، دار القلم، المملكة المغربية، ط1، 2007.

السرجاني، راغب، قصة الأندلس من الفتح إلى السقوط، مؤسسة اقرأ للنشر والتوزيع، القاهرة ط1، 2011م

مؤنس، حسين، ابن حزم "الذكرى المئوية التاسعة لوفاته " مجلة العربي، الكويت، ع57، 1963

هلال، محمد غنيمي، الرومانتيكية، دار العودة، بيروت، 1986

المراجع الإلكترونية:

العشق عند الأطباء، مدونة إيلاف: http://elaphblogs.com

مرض الماليخوليا ، ملتقى أهل الحديث: http://www.ahlalhdeeth.com

حيدرة، سعيد، ليلى الأخيلية وعفة المرأة العربية: http://saeedabdullabinhydra.blogspot.com

طحطح، د. فاطمة، صورة المرأة في الشعر الأندلسي بين الحسية والرمزية، جامعة محمد الخامس الرباط، نُشر البحث على الرابط الإلكتروني لمركز دراسات الأندلس وحوار الحضارات، على الرابط: http://www.andalusite.ma

علمي، عبد الرحيم، نظرية الحب الإلهي في كتاب (روضة التعريف بالحب الشريف) للوزير لسان الدين ابن الخطيب، مجلة دعوة الحق، مجلة شهرية تعنى بالدراسات الإسلامية وبشؤون الثقافة والفكر، تصدر عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المملكة المغربية، العددان 351-352 أبريل- مايو- يونيو 2000، على الرابط: http://www.habous.gov.ma

حاشية

([59]) سوفوكليس: روائي يوناني، أحد أعظم ثلاثة كتاب تراجيديا إغريقية، كتب 123 مسرحية، كان قائداً للجيش الأثيني فضلاً عن كونه بارعاً في الجدل والمناظرة ، ومفكراً كبيراً. (انظر ترجمته: أنتيجوني ، سوفوكليس ، ترجمة. منيرة كروان، المجلس الأعلى للثقافة، المركز القومي للترجمة، القاهرة، ط 1 ، 2006، ص 23)
([60]) العظم، د. صادق جلال، في الحب والحب العذري، دار المدى للثقافة والنشر، سوريا ، ط 8، 2007، ص 13.
([61]) تحفل المكتبة العربية بالكثير من المؤلفات التي تناولت الحب، وإضافة إلى ما ذكرناه في ملخص الدراسة، نُشير إلى بعضٍ منها: (المصون في سر الهوى المكنون) للحصري، (الموشى، أو الظرف والظرفاء) لأبي الطيب الوشَّاء، (ذم الهوى) لابن الجوزي، (عطف الألف المألوف على اللام المعطوف) للديلمي، و(تزيين الأسواق، في أخبار العشاق) لداود الأنطاكي
([62]) ظهر الكتاب لأكثر من محقق ودُور نشر: في القاهرة عام 1959 م، بتحقيق الأستاذ حسن كامل الصيرفي، وسنة 1975 بتحقيق الطاهر أحمد مكي عن دار المعارف القاهرة، ثم صدر بتحقيق: د. إحسان عباس، عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1987. وتتفق كتب التاريخ أن المستشرق الهولندي رينهارت دوزي هو من عثر على النسخة الوحيدة من مخطوطة (طوق الحمامة في الألفة والألاف) عام 1841 م في مكتبة جامعة ليدن في هولندا.
([63]) يذكر الحميدي صاحب (جذوة المقتبس) في ترجمته عن ابن حزم :" هو علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب، أصله من الفرس، وجدّه الأقصى في الإٍسلام اسمه يزيد بن أبي سفيان. كان مولده في قرطبة سنة 994 م". يقول صاعد البغدادي في ( طبقات الأمم): " كتب إليَّ بخط يده أنه ولد بعد صلاة الصبح ، وقبل طلوع الشمس آخر يوم من شهر رمضان من سنة أربع وثمانين وثلاثمائة"، وكان ميلاده في الجانب الشرقي من المدينة في ربض (منية المغيرة) المسماه حالياً "سان لورترو" ، وتمثاله الذي نحته الفنان (أماديو أولموس) نُصب في ذات الطريق الذي كان يسلكها للوصول إلى المسجد الجامع للتعلم . (الحميدي، أبو عبد الله محمد بن فتوح بن عبد الله، جذوة المقتبس في تاريخ علماء الأندلس، تحقيق. بشار عواد معروف، دار الغرب الإسلامي، تونس، ط 1، 2008، ص 290، و: البغدادي، صاعد بن أحمد بن صاعد الأندلسي (ت 462 هـ)، طبقات الأمم، تحقيق. حياة بو علوان، دار الطليعة، بيروت، ط 1، 1985، ص 87، و: مؤنس، حسين، ابن حزم "الذكرى المئوية التاسعة لوفاته " مجلة العربي، الكويت، ع 57، 1963، ص 21).
([64]) طوق الحمامة في الألفة والألاف، ص 64
([65]) الظاهري، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي (تـ 456 هـ)، طوق الحمامة في الألفة والألاف، تحقيق. إحسان عباس، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ط 2، 1987، ص 17
([66]) أهامي، محمد أحلوش، الترجمة الذاتية في الأدب الأندلسي من خلال أعمال ابن حزم، دار القلم ، المملكة المغربية، ط 1، 2007، ص 56
([67]) القاضي ابن ذكوان: أحمد بن عبد الله بن هرثمة بن ذكوان، ولد سنة 342 هـ وتوفي سنة 413 هـ، ولاه المنصور بن أبي عامر القضاء في قرطبة، وكان من خاصته، يلازمه في رحلاته وغزواته، ومحله منه فوق محل الوزراء، يفاوضه المنصور في تدبير الملك وفي سائر شئونه، ولما انقرضت دولة بني عامر وقامت الفتنة في قرطبة نفي ابن ذكوان وأهله إلى (المرية) ثم إلى (وهران) بإفريقيا. (انظر: القاضي أحمد بن عبد الله بن ذكوان، قصة الإسلام: http://islamstory.com ).
([68]) طحطح، د. فاطمة، صورة المرأة في الشعر الأندلسي بين الحسية والرمزية، جامعة محمد الخامس الرباط، مركز دراسات الأندلس وحوار الحضارات، على الرابط: http://www.andalusite.ma
([69]) طوق الحمامة، مرجع سابق، ص 36 ، وانظر : الترجمة الذاتية في الأدب الأندلسي من خلال أعمال ابن حزم ، محمد أحلوش أهامي ، مرجع سابق، ص 224
([70]) صدرت الطبعة الأولى لتحقيق الكتاب سنة 1982 عن المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، وفسَّر غريبه وراجعه صابر يوسف. وأحدث نسخة للكتاب صدرت عن وزارة الثقافة الأردنية، 2010، وخرَّج آياته وأحاديثه ووضع حواشيه أحمد شمس الدين.

ابن قيّم الجوزية: هو أبو عبدالله شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي الدمشقي، من علماء المسلمين في القرن الثامن الهجري، عاش في دمشق خلال الفترة (691 هـ – 751 هـ / 1292 م – 1349 م)، ودرس على يد ابن تيمية الدمشقي ولازمه قرابة 16 عاما وتأثر به. له مؤلفات كثيرة، منها: أعلام الموقعين عن رب العالمين، بدائع الفوائد، أخبار النساء ... (انظر: النويري، أحمد بن عبد الوهاب، نهاية الأرب في فنون الأدب، تحقيق. فهيم شلتوت نشر، دار الكتب المصرية، القاهرة ط 1، 1998، ص 265-277 وانظر: الجوزية، ابن قيم، روضة المحبين ونزهة المشتاقين، فسَّر غريبه وراجعه صابر يوسف، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، ط 1، 1982، ص 8-11).

([71]) الجوزية، ابن قيم، روضةُ المُحبِّين ونُزهَةُ المُشتاقِين، خرَّج آياته وأحاديثه ووضع حواشيه أحمد شمس الدين، وزارة الثقافة، المملكة الأردنية، عمَّان، 2010، ص 3
([72]) روضة المحبين ونُزهَةُ المُشتاقِين، ص 11
([73]) المصدر السابق، ص 7
([74]) صدرت الطبعة الأولى للكتاب عن دار الفكر العربي، القاهرة، سنة 1968، بتحقيق وتعليق وتقديم عبد القادر أحمد عطا، ثم صدرت الطبعة الأولى لدار الثقافة بالمملكة المغربية سنة 1970 بتحقيق وتعليق الدكتور محمد الكتاني. (لسان الدين بن الخطيب: هو محمد بن عبدالله بن سعيد بن علي بن أحمد السلماني، المعروف بـــــ"ـلسان الدين بن الخطيب"، ولد في لوشة بمدينة غرناطة سنة 713 هـ، له الكثير من المصنفات، منها: الإحاطة في أخبار غرناطة، طرفة العصر في دولة بني نصر، معيار الأخبار، السحر والشعر، ريحانة الكتاب ... (ابن الخطيب، لسان الدين، روضة التعريف بالحبِّ الشريف، تحقيق وتعليق وتقديم. عبد القادر أحمد عطا، دار الفكر العربي، القاهرة، 1968، ص 18-20)
([75]) مقدمة محقق كتاب: روضة التعريف بالحبِّ الشريف، عارضه بأصوله وعلق حواشيه بتقديم محمد الكتاني، مطبعة دار الثقافة، الدار البيضاء، 1972
([76]) هو شهاب الدين أبو العباس أحمد بن أبي بكر التلمساني (725 – 776 هـ)، شاعر فقيه أديب صوفي من أهل تلمسان، سكن دمشق، ومات فيها بالطاعون. من مؤلفاته: "سكردان السلطان" و"الطارئ على السكردان" و"ديوان الصبابة". (انظر: علمي، عبد الرحيم، نظرية الحب الإلهي في كتاب (روضة التعريف بالحب الشريف) للوزير لسان الدين ابن الخطيب، مجلة دعوة الحق، مجلة شهرية تعنى بالدراسات الإسلامية وبشؤون الثقافة والفكر، تصدر عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المملكة المغربية، العددان 351 – 352 أبريل- مايو- يونيو 2000، على الرابط: http://www.habous.gov.ma)
([77]) انظر دراسة: نظرية الحب الإلهي في كتاب (روضة التعريف بالحب الشريف) للوزير لسان الدين ابن الخطيب، مرجع سابق
([78]) ابن الخطيب، لسان الدين، روضة التعريف بالحب الشريف، تحقيق وتعليق وتقديم عبد القادر أحمد عطا، مرجع سابق، ص 334
([79]) ابن منظور، محمد بن مكرم بن منظور الافريقي المصري، لسان العرب، دار الفكر، بيروت، ط 3، 1994، ج 15، ص 295
([80]) روضة التعريف بالحب الشريف، ص 334
([81]) المصدر السابق نفسه، ص 335
([82]) روضة التعريف بالحب الشريف، ص 334
([83]) لسان العرب، مرجع سابق، ج 1، ص 294
([84]) المرجع السابق نفسه، ج 7، ص 277
([85]) المرجع السابق نفسه، الصفحة نفسها
([86]) روضة التعريف بالحب الشريف، ص 338
([87]) روضة المحبين ونُزهَةُ المُشتاقِين، ص 52
([88]) روضة التعريف بالحب الشريف، ص 351
([89]) المصدر السابق، ص 334
([90]) المصدر السابق، ص 350
([91]) روضة التعريف بالحب الشريف، ص 340
([92]) وضة المحبين ونُزهَةُ المُشتاقِين، ص 49
([93]) وضة التعريف بالحب الشريف، 334
([94]) يقول ابن قيِّم الجوزية في كتابه (روضة المحبين ونُزهَةُ المُشتاقِين) في باب (في أسماء المحبة): " لما كان الفهم لهذا المسمى أشد، وهو بقلوبهم أعلق، كانت أسماؤه لديهم أكثر، وهذه عادتهم في كلِّ ما اشتد الفهم له، أو كَثُر خُطُورهُ على قلوبهم، تعظيما له، أو اهتماما به، أو محبة له... واجتمعت هذه المعاني في الحب فوضعوا له قريبا من ستين اسما وهي: المحبَّة، العلاقة، الهوى، الصَّبوة، الشَّغف، المِقَة، الوَجد، الكَلَف، التَّتيُّم، العِشق، الجوى، الدَّنف، الشَّجو، الشَّوق، الخِلابة، البلابل، التَّباريح، السَّدَم، الغَمَرات، الوَهَل، الشَّجَن، اللاعِج، الاكتئاب، الوصَب، الحُزْن، الكَمَد، الَّلذع، الحُرَق، السَّهد، الأرق، اللَّهف، الحنين، الاستكانة، التَّبالة، اللوعة، الفُتون، الجُنون، اللَّمم، الخَبْلُ، الرَّسيس، الداء المُخامر، الود، الخُلَّة، الخِلم، الغَرام، الهُيام، التَّدليه، الوَلَه، التعَبُّد". انظر: (الجوزية، ابن قيم، روضةُ المـُحبِّين ونُزهَةُ المُشتاقِين، خرَّج آياته وأحاديثه ووضع حواشيه أحمد شمس الدين، مرجع سابق، ص 13)
([95]) روضة المحبين ونُزهَةُ المُشتاقِين، ص 231
([96]) روضة التعريف بالحب الشريف، ص 339
([97]) المصدر السابق نفسه، الصفحة نفسها
([98]) سورة النجم، الآية 1
([99]) روضة التعريف بالحبِّ الشريف، ص 338
([100]) لسان العرب، مرجع سابق، ج 15، ص 372
([101]) المرجع السابق نفسه
([102]) روضة المحبين ونُزهَةُ المُشتاقِين، ص 19
([103]) روضة التعريف بالحب الشريف، مرجع سابق، ص 339
([104]) روضة المحبين ونُزهَةُ المُشتاقِين، مرجع سابق، ص 23
([105]) المرجع السابق، ص 147
([106]) طوق الحمامة في الألفة والألاف، مرجع سابق، ص 47
([107]) روضة التعريف بالحب الشريف، مرجع سابق، ص 342
([108]) المصدر السابق نفسه، ص 343. وانظر: روضة المحبين ونزهة المشتاقين، مرجع سابق، ص 22
([109]) روضة المحبين ونزهة المشتاقين، مرجع سابق، ص 22
([110]) روضة التعريف بالحب الشريف، مرجع سابق، ص 346، و: روضة المحبين ونزهة المشتاقين، ص 22
([111]) روضةُ المُحبِّين ونُزهَةُ المُشتاقِين، مرجع سابق، ص 18. (الثَّغام: نبت يكون في الجبل، يبيَّض إذا يبس، ويشبَّه به الشيب. المُخلِس: الذي خالط سواده البياض)
([112]) المصدر السابق نفسه، ص 22
([113]) انظر الهامش 53
([114]) وضة التعريف بالحب الشريف، مرجع سابق، ص 346
([115]) المرجع السابق، ص 346
([116]) طوق الحمامة، مرجع سابق، ص 28-29
([117]) روضة التعريف بالحب الشريف، مرجع سابق، ص 348
([118]) روضة التعريف بالحب الشريف، ص 334
([119]) لسان العرب، مرجع سابق، ج 15، ص 295
([120] ( روضة التعريف بالحب الشريف، ص 334
([121]) المصدر السابق نفسه، ص 335
([122]) روضة التعريف بالحب الشريف، ص 335
([123]) روضة المحبين ونُزهَةُ الـمُشتاقِين، ص 15
([124]) روضة التعريف بالحب الشريف، ص 334
([125]) المصدر السابق نفسه، ص 336
([126]) روضة التعريف بالحب الشريف، ص 334
([127]) لسان العرب، مرجع سابق، ج 1، ص 294
([128]) المرجع السابق نفسه، الصفحة نفسها
([129]) المرجع السابق نفسه، ج 7، ص 277
([130]) المرجع السابق نفسه، الصفحة نفسها
([131]) روضة المحبين ونُزهَةُ المُشتاقِين، ص 21
([132]) روضة المحبين ونُزهَةُ المُشتاقِين، ص 99
([133]) روضة المحبين ونُزهَةُ المُشتاقِين، ص 54
([134]) وضة التعريف بالحب الشريف، ص 341
([135]) الماليخوليا أو الفلسفة السوداوية أو المزاج السوداوي: مرض من الأمراض العقلية، يتميز بالانطواء والشعور بالدونية، واحتقار الذات، والقلق، والرغبة في الانتحار. وذكره ابن الجوزي بلفظ (الماليخوليا)،في معرض كلامه عن ادعاءات الصوفية في الكشف و الاطلاع على الغيبيات، والماليوخوليا مرض الصرع كما في كتاب ابن سينا في الطب. (مرض الماليخوليا ، ملتقى أهل الحديث: http://www.ahlalhdeeth.com )
([136]) روضة المحبين ونُزهَةُ المُشتاقِين، ص 99
([137]) لسان العرب، مرجع سابق،ج 10، ص 252
([138]) روضة المحبين ونُزهَةُ المُشتاقِين، ص 103
([139]) المرجع السابق، الصفحة نفسها.
([140]) روضة المحبين ونُزهَةُ المُشتاقِين، ص 106
([141]) روضة المحبين ونُزهَةُ المُشتاقِين، ص 125
([142]) روضة المحبين ونُزهَةُ المُشتاقِين، ص 126
([143]) ديوان المتنبي، ج 2، ص 97
([144]) روضة التعريف بالحب الشريف، ص 342
([145]) روضة المحبين ونُزهَةُ المُشتاقِين، ص 19
([146]) لسان العرب، مرجع سابق، ج 1، ص 518
([147]) المرجع السابق، ج 1، ص 518. انظر أيضا: روضة المحبين ونزهة المشتاقين، ص 24
([148]) روضة التعريف بالحب الشريف، ص 342 انظر أيضا: روضة المحبين ونزهة المشتاقين، ص 24
([149]) ديوان المتنبي، ص 167. الصبابة: رقة الشوق. الجَهد: المشقة، والصبابة. مسهَّدة : مصابة بالأرق. معنى البيت: غاية الشوق أن تكون بهذه الحال التي أنا فيها، أي بلوغ أقصى درجات المعاناة في الهوى
([150]) روضة المحبين ونُزهَةُ المُشتاقِين، ص 20
([151]) روضة التعريف بالحب الشريف، ص 343
([152]) روضة المحبين ونزهة المشتاقين، ص 26
([153]) انظر المعجم الوسيط، مادة (جَوِيَ)
([154]) روضة التعريف بالحب الشريف، ص 348
([155]) لسان العرب، مرجع سابق، ج 14، ص 158
([156]) المرجع السابق نفسه، وانظر أيضا: روضة التعريف بالحب الشريف، ص 348
([157]) لسان العرب، مرجع سابق، ج 9، ص 177
([158]) المصدر السابق نفسه، الصفحة نفسها
([159]) المصدر السابق نفسه، الصفحة نفسها
([160]) سورة يوسف، الآية 30
([161]) لسان العرب، مرجع سابق، ج 9، ص 178
([162]) لسان العرب، مرجع سابق، ج 9، ص 178
([163]) المرجع السابق، ج 9، ص 178
([164]) روضة المحبين ونُزهَةُ المُشتاقِين، مرجع سابق، ص 20
([165]) لسان العرب، مرجع سابق، ج 9، ص 177
([166]) سورة يوسف، الآية 30
([167]) لسان العرب، مرجع سابق، ج 9، ص 177
([168]) المرجع السابق نفسه، الصفحة نفسها
([169]) المرجع السابق نفسه، الصفحة نفسها
([170]) المرجع السابق نفسه، الصفحة نفسها
([171]) روضة المحبين ونُزهَةُ المُشتاقِين، ص 33-34
([172]) روضة التعريف بالحب الشريف، ص 344
([173]) سورة الزخرف، الآية 67
([174]) لسان العرب، مرجع سابق، ج 11، ص 217
([175]) المرجع السابق نفسه، ص 218
([176]) المرجع السابق نفسه، الصفحة نفسها
([177]) ديوان ليلى الأخيلية، خليل ابراهيم وجليل العطية، دار الجمهورية، بغداد، 1967، ص 95-96
([178]) روضة المحبين ونُزهَةُ المـُشتاقِين، ص 30
([179]) روضة التعريف بالحب الشريف، ص 345
([180]) لسان العرب، مرجع سابق، ج 11، ص 76
([181]) المرجع السابق نفسه، الصفحة نفسها
([182]) روضة التعريف بالحب الشريف، ص 346
([183]) المرجع السابق، ص 346
([184]) المصدر السابق نفسه، ص 45
([185]) لسان العرب، مرجع سابق، ج 11 ، ص 76
([186]) المرجع السابق نفسه، الصفحة نفسها
([187]) روضة التعريف بالحب الشريف، ص 345
([188]) روضة المحبين ونزهة المشتاقين، ص 282
([189]) روضة التعريف بالحب الشريف، ص 345
([190]) ديوان المتنبي، ج 1، ص 74
([191]) المرجع السابق نفسه، الصفحة نفسها
([192]) المرجع السابق نفسه، الصفحة نفسها
([193]) روضة المحبين ونزهة المشتاقين، ص 52
([194]) روضة التعريف بالحب الشريف، ص 347
([195]) روضة المحبين ونزهة المشتاقين، ص 51 ، وانظر: روضة التعريف بالحب الشريف، ص 348
([196]) لسان العرب، مرجع سابق، ج 13، ص 488
([197]) روضة المحبين ونُزهَةُ المُشتاقِين، ص 35
([198]) لسان العرب، مرجع سابق، ج 13، ص 488
([199]) المرجع السابق نفسه، الصفحة نفسها
([200]) المرجع السابق نفسه، ج 13، ص 948
([201]) المرجع السابق نفسه، الصفحة نفسها
([202]) روضة التعريف بالحب الشريف، ص 348
([203]) لسان العرب، مرجع سابق، ج 12، ص 626. انظر أيضا: روضة التعريف بالحب الشريف، ص 347
([204]) روضة التعريف بالحب الشريف، ص 347
([205]) المرجع السابق، ص 346
([206]) روضة المُحبِّين ونُزهَةُ المُشتاقِين، ص 35
([207]) سورة الشعراء، الآية 22
([208]) لسان العرب، مرجع سابق، ج 12، ص 626 -627
([209]) المرجع السابق نفسه، الصفحة نفسها
([210]) سورة الواقعة، الآية 55
([211]) الدينوري، ابن قتيبة (تـ 276 ه)، الشعر والشعراء، تحقيق. مفيد قميحة، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 2، 1985، ج 2، ص 467
([212]) المصدر السابق نفسه، ص 469

Additional information

BIBLID: [1133-8571] 24 (2017) 6 7- 9 1.



Buscar:
Ir a la Página
IR
Non-profit publishing model to preserve the academic and open nature of scientific communication
Scientific article viewer generated from XML JATS4R