Servicios
Descargas
Buscar
Idiomas
P. Completa
العقلانية الإسلامية عند الأصوليين والمتكلمين بين التأثير الأرسطي مع ابن رشد وابن حزم وبين التأصيل الإسلامي مع ابن تيمية
محمد المودن
محمد المودن
العقلانية الإسلامية عند الأصوليين والمتكلمين بين التأثير الأرسطي مع ابن رشد وابن حزم وبين التأصيل الإسلامي مع ابن تيمية
Al-Andalus Magreb, no. 24, pp. 1-19, 2017
Universidad de Cádiz
resúmenes
secciones
referencias
imágenes

ملخص: يرصد هذا البحث تجليات الممارسة العقلية في الفكر الإسلامي بين تأثير النزعة الأرسطية اليونانية تجسدها جهود التنظير العقلي عند مفكري و فلاسفة الإسلام و الأندلس مثل ابن رشد وابن حزم و الغزالي ، كما يتوقف عند جهود تأصيل الممارسة العقلية في الفكر الإسلامي من خلال جهود ابن تيمية الذي حاول الاستناد إلى الخصوصية التداولية.

الكلمات المفتاحية: الاستدلال,العقلانية الإسلامية,المنطق اليوناني,علم الكلام, الأصوليون.

Resumen: Este articulo arroja luz sobre las manifestaciones de la práctica racional en el pensamiento islámico entre la influencia aristotélica y griega encarnada por los esfuerzos teóricos de los pensadores y filósofos del Islam y al-Andalus como Averroes (Ibn Rušd), Ibn Ḥazm y Algacel (al-Ġazzālī), y destaca los esfuerzos por enraizar la práctica del raciocinio en el pensamiento islámico a través del empeño de Ibn Taymiyya por basar su teoría lógica en principios pragmáticos.

Palabras clave: Argumentación, racionalismo islámico, lógica aristotélica, escolástica islámica (ˁilm al-kalām), juristas islámicos (uṣūliyyūn).

Abstract: This article sheds light on the manifestations of rational practice in Islamic thought between the Aristotelian and Greek influence embodied by the theoretical efforts of the thinkers and philosophers of Islam and al-Andalus such as Averroes (Ibn Rušd), Ibn Ḥazm and Algacel (al -Ġazzālī), and highlights the efforts to establish the roots of the practice of reasoning in Islamic thought through the efforts of Ibn Taymiyya which his logical theory is based on pragmatic principles.

Keywords: The Raison, Argumentation, Islamic racionality , ˁilm al-kalām, The Islamic jurists (uṣūliyyūn), The Raison, Argumentation, Islamic racionality, ˁilm al-kalām, The Islamic jurists (uṣūliyyūn).

Carátula del artículo

Artículos

العقلانية الإسلامية عند الأصوليين والمتكلمين بين التأثير الأرسطي مع ابن رشد وابن حزم وبين التأصيل الإسلامي مع ابن تيمية

محمد المودن
جامعة قادس, España
Al-Andalus Magreb
Universidad de Cádiz, España
ISSN-e: 2660-7697
Periodicity: Anual
no. 24, 2017


تقديم

الاستدلال في الفكر الإسلامي هو المدخل الذي يصار به إلى إدراك العقلانية التي يقوم عليها الخطاب في هذا الفكر عموما، وهو المبحث الذي يفضي كذلك إلى استشراف وجه من وجوه المنطق الإسلامي، الذي يتجلى تجليات مختلفة، سنقف عندها بإيجاز لتبيين خصوصية الممارسة العقلانية عند الأصوليين والمتكلمين بشكل خاص، وحتى خصوصية المنطق الإسلامي بشكل عام.

ولقد اندرجت الممارسة الاستدلالية الكلامية في الفكر الإسلامي عموما، ضمن الحركة المنطقية الإسلامية التي رسخت إنتاجها المنهجي والفكري إما عبر الالتزام بإجراءات المنطق الأرسطي في بناء نسغها العقلاني، وإما عبر تأصيل هذه الممارسة العقلانية انطلاقا من الشرط التداولي العربي والإسلامي وانفردت لنفسها بقوانين تحققت معها الخصوصية المنهجية في طلب الدليل وتحصيله، أو في رد الاعتراضات ودفعها .

وقد تبلورت الممارسة العقلية العربية والإسلامية ضمن جهود منهجية وعملية، اختمرت إبان مرحلة التأسيس المعرفي لمجال التفكير الإسلامي، وأثرت في صورة الممارسة العقلية العربية الإسلامية وفي تجلياتها المنهجية و المعرفية. ونحت تياران فكريان بين الأصوليين والمتكلمين والفلاسفة المسلمين، ملامح المنهج العقلي الإسلامي. هذان التياران تشكلهما جهود أصوليين ومتكلمين وفلاسفة تشبعوا بمنابع التفكير اليوناني وخصوصا الأرسطي يتقدمه الأندلسيان ابن رشد وابن حزم إضافة إلى مفكرين آخرين مثل الغزالي، ثم تيار ثان سعى في تأصيل الممارسة العقلية في مجال التفكير الإسلامي مثل ابن تيمية.

طرق الممارسة العقلية عند المسلمين

ينقسم الدليل عند المسلمين إلى قسمين: دليل نقلي، ودليل عقلي. فأما الدليل النقلي فتمثله الأقوال القرآنية والأحاديث النبوية، باعتبارهما المصدرين الأولين الذين يرجع إليهما لمعرفة أحكام الله تعالى اعتقادا وعملا([403]). إن القرآن الكريم أصل الأدلة ومعينها، وهو أقواها في سلم مراتب الدليل عند المسلمين. وإذا كان الاتفاق حاصلا بين جمهور علماء المسلمين حول ثبوت القرآن، فإن ظنية دلالة ألفاظ القرآن على المعاني، جعلت الأصوليين والمتكلمين يفاوتون بين صيغ الخطاب من أجل الظفر بأقوى صيغة تكون دليلا عندهم. وتنقسم صيغ الخطاب إلى مجمل ومبين، وظاهر ومؤول، وخاص وعام ومطلق ومقيد. وحجية هذه الصيغ تتفاوت من جماعة إلى أخرى: فالمتكلمون مثلا دلالة المنطوق عندهم أولى بالاعتبار من دلالة المفهوم، والنص في الأول أقوى من الظاهر، والظاهر مقدم في الاستدلال على المجمل...إلخ([404]). ويتحصل من ذلك اتسام الدليل القرآني بصفة التراتب التي هي صفة استدلالية قائمة في الدليل الحجاجي حيث تتراوح مراتب الصدق فيه، بين الصادق و الأصدق، و الأكثر صدقا... ومن ثم بين القوي و الأقوى والأكثر قوة.

أما المصدر الثاني: وهو السنة النبوية، وهي تأتي في المرتبة الثانية في سلم مراتب الأدلة عند المسلمين، فقد كان الدليل فيه كذلك خاضعة حجيته لمبدأ التراتب. إذ لما كان من الأحاديث : المتواتر والمشهور والآحاد، وكانت أصناف الحديث هذه متفاوتة في دلالتها على الصحة، فإن أخذها دليلا كان يخضع لهذا التفاوت: فالنص المتواتر أقوى حجية من النص المشهور، والنص المشهور أقوى حجية من النص الآحاد، وهكذا.

ويأتي الإجماع في المرتبة الثالثة بعد القرآن والسنة، وقد أخذ به المسلمون دليلا ثالثا من الأدلة الشرعية واعتبروه حجة.

هذه إذن هي الأدلة الشرعية الأولى التي تشكل في تظافرها الدليل النقلي، وهي تتراتب في حجيتها بين الأقوى والأكثر قوة، أو بين الأصل والتابع. وقد أوردناها بهذا الإجمال والإشارة من دون تفصيل، استجابة للمقام الذي يضيف عن رصد الأدلة في تفاصيلها. أما الدليل العقلي كما دار عند الأصوليين سواء الفقهاء أو المتكلمين، فيقصد به كل أنواع الاستدلال، سواء ما تعلق بالقياس وما تفرع عنه، أو ما تعلق بأنواع الاستدلال الأخرى، التي سبق المسلمون فلاسفة العلوم الأوروبيين في التوصل إليها([405]). وهي: السبر والتقسيم، والطرد والدوران، وتنقيح المناط إلخ.. وتعد مباحث الاستدلال هذه (القياس وأنواع الاستدلال الأخرى) القسم الثاني من المنطق الإسلامي بعد مبحث الحد.

ويهمنا في هذا المقام الوقوف عند هذا القسم الثاني من المنطق الإسلامي، نقتفي فيه حجاجية الدليل، ونستحصل منه وجه التمايز عن نظيره الأرسطي.

القياس الأصولي :

يتحدد القياس عند الأصوليين بكونه من جهة اللغة :"تقدير شيء على مثال شيء آخر وتسويته به، ولذلك سمي المكيال مقياسا وما يقدر به النعال مقياسا، ويقال فلان لا يقاس بفلان، أي لا يساويه. وقيل هو مصدر قست الشيء إذا اعتبرته قيسا وقياسا، ومنه قيس الرأي..."([406]).وهو من جهة الاصطلاح :"حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم لهما أو نفيه عنهما بأمر جامع بينهما من حكم أو صفة"([407]). أو كما عرفه الإمام البيضـاوي في كتابه المنهاج :

"القياس إثبات مثل حكم معلوم في معلوم آخر، لمشاركته له في علة حكمه عند المتبث"([408]). ولما تعددت المقابلات الاصطلاحية للفظة القياس، فإن أحسن ما ينتقيه الشوكاني تعريفا اصطلاحيا هو القياس "استخراج مثل حكم المذكور لما لم يذكر بجامع بينهما"([409]). ويرد القياس عند الأصوليين بأقسام مختلفة. وتخضع هذه التقسيمات لاعتبارات متباينة، تكون وراء قيام كل قسم من أقسام القياس([410]). وهكذا فإن التقسيم الأول للقياس، يخضع لاعتبار درجة الوصف الجامع في الأصل والفرع. وينقسم القياس بهذا الإعتبار عند الأصوليين إلى أقسام ثلاثة :

  • أ أن يكون الوصف الجامع في الفرع أقل درجة منه في الأصل، وسمي هذا القياس بقياس الأولى، حيث يتم الاستدلال بالدرجة العليا على الدرجة الدنيا.

  • ب أن يكون الوصف الجامع في الفرع أقوى منه في الأصل، ويسمى هذا القسم من القياس بقياس الأدنى، ويتم الاستدلال فيه بالدرجة الدنيا على الدرجة العليا.

  • ج أن يكون الوصف الجامع مساويا له في الأصل، وهذا القسم من القياس يدعى بقياس المساواة، ويحصل الاستدلال فيه بالتساوي في الدرجة.

ويتم التقسيم الثاني باعتبار تبادر الذهن إليه وعدم تبادره([411])، وقد قسم الأصوليون القياس المتحقق بهذا الاعتبار إلى قياس جلي، وهو "ما علم فيه نفي اعتبار الفرق بين الأصل والفرع" أو هو "ما علم فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع قطعا"([412]). وإلى قياس خفي وهو ما كانت العلة فيه مستنبطة من حكم الأصل([413]).

أما التقسيم الثاني والأخير، فيتم باعتبار ذكر العلة وعدم ذكرها فيه. ويقسم القياس بهذا الاعتبار إلى أقسام ثلاثة([414]):

  1. - قياس العلة، وهو ما صرح فيه بالعلة.

  2. - قياس الدلالة، وهو ما لم يرد فيه ذكر العلة واكتفي بذكر لازمها.

  3. - قياس في معنى الأصل، وهو ما لم يتضمن تصريحا بالوصف الجامع بين الأصل والفرع.

وينهض القياس عند الأصوليين على قانون العلية، وهو من هذه الجهة يخالف القياس الأرسطي. فاحتل مبحث العلة عندهم حيزا هاما من انشغالهم الأصولي، وأفردوا له أبوابا تناولوا فيها العلة ومسالكها وشروطها.

فهذه إذن هي الصور التي يشتغل بها القياس عند الأصوليين، لقد ردوه إلى نوع من الاستقراء القائم على قانوني العلية والاطراد في وقوع الحوادث، فصاروا به إلى غير ما صار به التصور الأرسطي للقياس. وقد دل ذلك على أن المسلمين وفي مقدمتهم الأصوليين : فقهاء ومتكلمين لم يكتفوا بالطرق التدليلية التي ورثوها عن بني يونان ،بل أضافوا من صيغ التدليل ما يوافق مجال التداول الإسلامي.

طرق التدليل الأخرى:

لقد قاد مجال التداول الإسلامي الأصوليين والمتكلمين إلى اجتراح طرق أخرى للاستدلال غير القياس عند الفقهاء، أو قياس الغائب على الشاهد عند المتكلمين([415]). وقد أدى هذا التوسع في صيغ التدليل وطرقه عند المسلمين، إلى غنى الممارسة الاستدلالية والحجاجية، وتميزها على نحو يعكس نضج الاشتغال العقلاني عندهم، إذا يستجيب لخصوصية التداول الإسلامي، وهو مجال غير مجال التداول اليوناني. وهكذا نلفي مسالك متعددة اعتمدها المسلمون لتحصيل مطلوباتهم، نذكر منها: السبر والتقسيم، والاستدلال بالتقسيم والتلازم، وقياس الخلف، والاستدلال بالمتفق عليه على المختلف فيه، وبطلان الدليل يستلزم بطلان المدلول، والضمير، والطرد، والدوران وتحقيق المناط ، و المناسبة و الاستدلال ببيان العلة...

وإذا شئنا، يمكن مقابلة هذه الطرق الاستدلالية عند المسلمين التي أوردناها قبل الأسطر الثلاث الأخيرة هذه، بمصطلح حجاجي يدور على ألسنة الحجاجيين الغربيين أمثال برلمان وديكرو وهو: "الحجج شبه المنطقية"([416])، أي تلك الحجج التي تتخذ شكلا منطقيا، لكن ليست بالصرامة المنطقية الصورية ولا بعناصره. فهذه الأدلة الإسلامية تنبني من حيث الاستدلال انبناء "شبه منطقي".

الأصوليون والمنطق اليوناني:

لقد خلف دخول المنطق اليوناني إلى مجال التداول الإسلامي نقاشا فكريا ومنطقيا، تداولته فئتان من المسلمين : فئة دافعت عن المنطق اليوناني وتبنته في ممارستها الفقهية والكلامية. وفئة نبذته واعترضت عليه، بدعوى عدم ملاءمته لمجال التداول الإسلامي.

وقد نشأ خلف هذا النقاش الذي اتخذ شكل مناظرات ومجادلات، تصور إسلامي للاشتغال المنطقي، قاد إلى تشييد "نظرية حجاجية عربية"، غدت الآن حقلا يغتني منه البحث الحجاجي المعاصر.

لقد تجلى اهتمام الفئة المدافعة عن المنطق الأرسطي، في قيام البعض بشرحه وتوضيحه وتلخيصه، كما فعل ابن رشد. أو في تبني بعضهم لهذا المنطق في ممارستهم الفقهية والأصولية، كأبي حامد الغزالي وابن حزم والفارابي وغيرهم.

لقد تمحورت دعوى تبني المنطق اليوناني عند هؤلاء، على اعتقاد مفاده أن الطرق التدليلية المتداولة في علم الكلام وعند الفقهاء، هي طرق تحتاج إلى إغناء وتقوية، لأنها تفضي إلى الظن. ولذلك وجب الخروج عن الاستدلال المتداول في العلوم الإسلامية، والقائم على القياس الفقهي، أو القياس الكلامي (قياس الغائب على الشاهد) والتمثيل والشبه...، حتى تغدو علوما موصلة إلى اليقين، ومحصلة للقطع لا للظن الذي كانت تفضي إليه المسالك الفقهية والكلامية. ومن ثم لا بد لتحصيل هذا الإصلاح من الإتكاء على المنطق اليوناني، وهذا ما نادى به الغزالي في كتبه المنطقية: معيار العلم، ومحك النظر، وفي مقدمة كتابه المستصفى..إلخ. إن تحصيل المطلوبات الفقهية أو الأصولية أو الكلامية من منظار الغزالي، لا يمكن أن يتحقق إلا متى استند النظر إلى المنطق اليوناني (البرهان الصوري)، وإلا فإن كل نظر زاغ عن ذلك ولم يوزن بهذا الميزان، ولم يعاير بهذا المعيار، "فاعلم أنه فاسد العيار غير مأمون الغوائل والأغوار"([417]).

كما أن علومه لا ثقة بها أصلا([418]). إن تحصيل العلم إذن مشروط بانتهاج طريق المنطق اليوناني.

أما ابن حزم فقد سوغ تبنيه للمنطق اليوناني بالدفاع عن الشرع وتحصينه، لذلك بادر إلى "منطقة الفقه"، والتأكيد على المنطق وسيلة لتقويم أحكام الشريعة وتصحيحها([419]). وكان من قبل هذا وذاك ،الإمام الجويني الذي غذى أصول الفقه بالمنطق الأرسطي، من دون التخلي عن المسالك الجدلية، وعليه كان قد اتكأ الإمام الغزالي تلميذه، في تبيئ المنطق اليوناني في المجال التداولي الإسلامي.

أما الإتجاه المعارض للمنقول المنطقي اليوناني الذي يمثله ابن الصلاح والشافعي والسهروردي، ويمثله كذلك بشكل خاص ابن تيمية، فقد أقام موقفه ذاك على دعوى "مخالفة المنطق اليوناني لقواعد المجال التداولي العربي الإسلامي"، فبادر أصحابه إلى الرد على كثير من دعاوى أصحاب المنطق اليوناني المسلمين، وخاصة الغزالي. فأقر ابن تميمية أن ذاك المنطق الذي جعله الغزالي، شرطا من شروط تحصيل العلم، هو منطق "لا يحتاج إليه الذكي ولا ينتفع به البليد"([420])، بل إنه قد أمعن في التدليل على بطلان زعم الغزالي، القاضي بأن السالك في علمه طريقا غير البرهان، لا ثقة بعلومه، وأصر على أن المطلوب العلمي قد يصار إليه بغير البرهان الذي يجسده "القياس الأرسطي"، فيقول "لكن الذي بينه نظار المسلمين في كلامهم على هذا المنطق اليوناني المنسوب إلى أرسطو صاحب التعاليم، أن ما ذكروه من صور "القياس" و"مواده" مع كثرة التعب العظيم، ليس فيه فائدة علمية، بل كل ما يمكن علمه بقياسهم المنطقي يمكن علمه بدون قياسهم المنطقي، وما لا يمكن علمه بدون قياسهم لا يمكن علمه بقياسهم"([421]).

لقد كان رد ابن تيمية على تصورات الغزالي وأنصاره المتمسكين بالمنطق اليوناني في ممارستهم الفقهية والكلامية، ردا صادرا عن معرفة بخبايا المنطق الأرسطي. فالرجل قبل أن يبسط اعتراضاته ونقوضه للمنطق اليوناني، قام بنشر وعرض مباحث المنطق عند أرسطو، ثم خص أربعة مداخل أعاد من خلالها النظر في كثير من القضايا المنطقية، وخلخل كثيرا من مبادئه، يقول: "الكلام في أربع مقامات، مقامين سالبين ومقامين موجبين: فالأولان: أحدهما قولهم: "إن التصور المطلوب لا ينال إلا بالحد"، والثاني "إن التصديق المطلوب لا ينال إلا بالقياس، والآخران: في أن الحد يفيد العلم بالتصورات، وأن القياس أو البرهان الموصوف يفيد العلم بالتصديقات"([422]).

وقد لا يسمح المقام بعرض كل أوجه الاعتراض ومكامنه المنطقية التي أبداها ابن تيمية في رده على المنطق اليوناني ونقضه له، ويكفي فقط أن نقول: إنه خلف هذا الاعتراض المنطقي لابن تيمية على المنطق اليوناني، ووراء نقاشه له، كان يسعى في تأصيل مشروع منطق إسلامي ينبني على تصور معرفي، يستوعب خصوصية وعناصر مجاله التداولي، ويلتزم بحدوده، فكان هذا المنطق الإسلامي في جوهره منطقا حجاجيا.

فإذا كان الحجاج استدلالا طبيعيا يعنى بالمحتوى ويعتبره في انبنائه الاستدلالي. فإننا نلفي ابن تيمية يستحضر هذا الاعتبار وهو يجابه الاستدلالات المنطقية التي صاغها المنطقيون، فيقول : "المنطقيون يمثلون بصورة مجردة على المواد، لا تدل على شيء بعينه، لئلا يستفاد العلم بالمثال من صورته المعينة، كمـا يقولون : كل أ ب وكل ب ج فكل أ ج. لكن المقصود هو العلم المطلوب من المواد المعينة، فإذا جردت، يظن الظان أن هذا يحتاج إليه في "المعينات" وليس الأمر كذلك"([423]). ويلح في الكتاب نفسه على أن الاعتبار [يكون] بمادة العلم، لا بصورة القضية ([424]).

وإذا كان الغزالي قد أخذ المنطق الفقهي والكلامي، على أنه موصل إلى الظن والاحتمال، ولا يفيد القطع واليقين اللذين هما صفتا العلم، إذ يقول: "إن أكبر أقيسة الجدليين من المتكلمين والفقهاء في مجادلاتهم وتصانيفهم، مؤلفة من مقدمات مشهورة فيما بينهم سلموها لمجرد الشهرة، وذهلوا عن سببها. ولذا نرى أقيستهم تنتج نتائج متناقضة، فيتحيرون فيها وتتخبط عقولهم في تنقيحها"([425]). فإن الاعتراض على هذا الرأي نسوقه هذه المرة من مصدر آخر، غير مصادر ابن تيمية، وبالضبط من عند صاحب الموافقات الذي ينكر ظنية الدليل في الأصوليات، "لأن أصول الفقه في الدين قطعية لا ظنية، والدليل على ذلك أنها راجعة إلى كليات الشريعة، وما كان كذلك فهو قطعي"([426]).

وحتى وإن كانت الأدلة ظنية فإنها تتحول في تظافرها إلى أدلة قطعية كما يجهر بذلك الشاطبي في قوله :" وإنما الأدلة المعتبرة هنا المستقرأة من جملة أدلة ظنية تظافرت على معنى واحد حتى أفادت فيه القطع، فإن للاجتماع قوة ما ليس للافتراق (...) فإذا تكاثرت على الناظر الأدلة، عضد بعضها بعضا، فصارت بمجموعها مفيدة للقطع"([427]). ثم إن القوانين التي كانت تضبط المناظرات، أو ما يسمى بآداب البحث،كانت بمثابة قواعد تضمن يقينية الدليل المطلوب في هذا الشكل من الاستدلال، ويقر ابن خلدون بذلك إقرارا حيـث يقول: "فإنه لما كان باب المناظرة في الرد والقبول متسعا، وكل واحد من المتناظرين في الاستدلال والجواب يرسل عنانه في الاحتجاج، ومنه ما يكون صوابا ومنه ما يكون خطأ. فاحتاج الأئمة إلى أن يصفوا آدابا وأحكاما يقف المتناظران عند حدودها في الرد والقبول، وكيف يكون حال المستدل والمجيب، وحيث يسوغ له أن يكون مستدلا، وكيف يكون مخصوصا منقطعا ومحل اعتراضه أو معارضته، وأين يجب عليه السكوت ولخصمه الكلام والاستدلال. ولذلك قيل فيه : إنه معرفة بالقواعد من الحدود والآداب في الاستدلال التي يتوصل بها إلى حفظ رأي أو هدمه، كان ذلك الرأي من الفقه أو غيره([428]).ويقول صاحب المنهاج كذلك : "ومتى أخذ المناظر نفسه بما وصفناه، وتأدب بما ذكرناه، انتفع بجدله وبورك له في نظره إن شاء الله عز وجل"([429]). إن تلك الشروط المقيدة للممارسة الاستدلالية داخل المناظرات، التي تسمى بآداب البحث، متى التزم بها المناظر أو المستدل، قادت دليله إلى اليقين والقطع.

فهذا إذن هو المنطق الإسلامي، الذي قلنا عنه إنه منطق حجاجي "وهو منهج من مناهج البحث العلمي الذي وضعه الأصوليون لكي يسيروا عليه في أبحاثهم، وكانت أميز صفاته أنه يخلو من مباحث الميتافزيقا، أو من الصفة المينافزيقية (...) وخلوه من الناحية الميتافزيقية جعله منطقا عمليا ... يتفق مع الحاجة الإنسانية العملية([430]).

الاستدلال عند المتكلمين

الاستدلال عند المتكلمين هو المدخل الذي يصار به إلى إدراك العقلانية التي يقوم عليها الخطاب الكلامي عموما، وهو المبحث الذي يفضي كذلك إلى استشراق وجه من وجوه المنطق الإسلامي، الذي تجلى تجليات مختلفة، سنقف عندها بإيجاز لتبين خصوصية الممارسة الاستدلالية الكلامية بشكل خاص، وحتى المنطق الإسلامي بشكل عام. لقد اندرجت الممارسة الاستدلالية الكلامية، ضمن الحركة المنطقية التي رفضت الالتزام بإجراءات المنطق الأرسطي في بناء نسغها العقلاني، وانفردت لنفسها بقوانين تحققت معها الخصوصية المنهجية في طلب الدليل وتحصيله، أو في رد الاعتراضات ودفعها .

فصارت هذه الممارسة الكلامية مميزة للمنطق الإسلامي، بها يتجلى وجه المتأصل، ومن خلالها تسطع حقيقة تميز المسلك العقلاني فيه، حتى صار علامة على نضج صياغة الدليل في علم الكلام وطلبه. والمقتفي لأثر الانشغال العقلاني عند المتكلمين، يشعر تماما بأنها (المسالك الاستدلالية الكلامية ) لم توضع على طريقة الأرسطوطاليسين، بل على طريقة الجدليين من نظار المسلمين([431]). وقد حصل الاقتناع لدى المتكلمين بأن القوانين الاستدلالية التي اجترحوها، هي أنسب القوانين المنطقية التي تستجيب لخصوصية المسالك الكلامية، ودافعوا عنها بما يجيز قبول دعواهم، وتفهم مبتغاهم. ونجد صدى هذا القبول وأثر هذا التفهم في النصوص التي حفظتها لنا كتب الأصوليين والمتكلمين والمناطقة كذلك، إذ تنزلت عندهم منزلة العلم الدقيق الذي يستقل بنفسه استقلالا، يضمنه النسق العقلي الذي ركبه المتكلمون في اقتناص الأدلة وفي تحصيل المطلوبات، واستحق بذلك أمجد المراتب وأعلاها. فهذا الإيجي قد بلغ عنده علم الكلام أشرف الغايات ، وهو يصرح بذلك تصريحا، فيقول : "قد علمت أن موضوعه (علم الكلام) أعم الأمور وأعلاها، وغايته أشرف الغايات وأجداها، ودلائله يقينية يحكم بها صريح العقل، وقد تأيدت بالنقل وهي الغاية والوثاقة، وهذه هي جهات شرف العلم لا تعدوها، فهو إذن أشرف العلوم ".([432])

ويلمح كذلك أبو نصر سراج الطوسي تلميحا إلى طبيعة الممارسة الاستدلالية في علم الكلام، إذ توسع في حصر صفة الدليل عند المتكلمين، فطوى عنده الدليل المسلك العقلي والمسلك الجدلي ، وترتب عن ذلك ، أن صار الدليل في المنطق الكلامي موصولا بالخصوصية التداولية لعلم الكلام: فالدليل العقلي هنا ، يحيل على القياس وصوره المختلفة، وهو الأصل الاستدلالي في المنطق الكلامي، والدليل الجدلي هنا يتجاوز القياس إلى آليات استدلالية أخرى ، تخرج عن صور القياس، ويستجيب لقوانين التخاطب المحفوظة بآداب مخصوصة. ولأجل ذلك قال السراج الطوسي: "تكلموا (المتكلمون) بالاحتجاجات العقلية على المخالفين، وناظروا من خالفهم برسم النظر، وجادلوا من جادلهم بأدب الجدل، وعارضوا خصمهم بالمعارضات واعترضوا عليهم برد الاعتراضات، واطراد العلل في المطلوبات([433]).

ويترسب من الكلام عن الممارسة الاستدلالية عند المتكلمين، اتصاف دليلهم الكلامي بالاتساع الذي يتيحه ارتباط الممارسة الاستدلالية بالأصل التداولي.

التيار المنطقي الإسلامي المتبني للفكر المنطقي اليوناني:

إذا كانت الممارسة الاستدلالية لعلم الكلام قد شكلت صورة من صور المنطق الإسلامي، التي ظلت مشدودة إلى الخصوصية التداولية للمتن الذي يدور فيه الدليل الكلامي، فإن الصورة الأخرى للمنطق الإسلامي قد جسدتها الحركة المنطقية الإسلامية التي تشبعت بقوانين المنطق الأرسطي، وبالضبط بنظرية أرسطو في البرهان . فقد آثر هذا التيار تقنين الممارسة الاستدلالية الإسلامية من خلال الاتكاء على النظرية اليونانية في الاستدلال، أو لنقل إنزال نظرية البرهان الأرسطية في النسق العربي الإسلامي، وقد مثل هذا التيار على سبيل المثال لا الحصر، أبو حامد الغزالي، وابن رشد والفاربي. فقد تبنى الغزالي الآليات المنطقية اليونانية في ترتيب الممارسة الشرعية، بل جعل أي ممارسة علمية وعقلانية، لا تقوم على هذا المنطق، هي ممارسة لا ثقة في صوابها وصحتها .

لذلك تلفيه قد اجتهد في تقريب المنطق اليوناني وتعليمه والتمثيل له. ومسوغه في ذلك إدخال العقلي لمساعدة الشرعي، وبيانه وضبط معانيه وحدوده، أو لنقل إنه كان يروم تقوية الظني الذي هو سمة الدليل الشرعي، باليقين الذي هو حاصل العقليات القطعية

يقول الغزالي :" رغبنا ذلك أيضا في أن نورد في منهاج الكلام في هذا الكتاب أمثلة فقهية فتشمل فائدته (...) وتعم سائر الأصناف جدواه وعائداته ... و لعل الناظر بالعين العوراء نظر الطعن والإزراء، ينكر انحرافنا عن العادات في تفهم العقليات القطعية، بالأمثلة الفقهية الظنية. فليكف عن غلوائه في طعنه وإزرائه، وليشهد على نفسه بالجهل بصناعة التمثيل وفائدتها، فإنها لم توضع إلا لتفهم الأثر الخفي بما هو الأعرف عند المخاطب المسترشد ليقيس مجهوله إلى ما هو معلوم عنده فيستقر المجهول في نفسه([434]).

فقد استوجب الدليل في الممارسة العقلية الإسلامية في نظر الغزالي مساعدة وتقوية الارتقاء به من الظني إلى القطعي، والسبيل إلى ذلك النسق المنطقي الأرسطي، الذي اجتهد في تقريبه إلى التداول المنطقي العربي . وإن كان الدليل في الظنيات لا يصير إلا ظنيا ولا سبيل إلى تحصيل يقينيته بالإجراء المنطقي الأرسطي، (البرهان) ، بل آليات أخرى تضمنتها آداب المناظرة على سبيل المثال ، نجد الغزالي الذي عمد إلى إنزال القياس الأرسطي (السيلوجسم) في صميم علم أصول الفقه وغيره ، فقد التمس لذلك أدلة من داخل الشرع الإسلامي. إذ يرى أنه " لما عسر على الخلق معرفة خطاب الله تعالى في كل حال- لا سيما بعد انقطاع الوحي - ، أظهر الله سبحانه خطابه لخلقه بأمور محسوسة نصبها أسبابا لأحكامه ، وجعلها موجبة ومقتضية للأحكام ، على مثال اقتضاء العلة الحسية معلولها. ونعني بالأسباب ههنا ، أنها هي التي أضاف الإحكام إليها ، كقوله تعالى: { أقم الصلاة لدلوك الشمس } وقوله تعالى : { فمن شهد منكم الشهر فليصمه }"([435]).

وغرض الغزالي من هذا، بيان أن القياس السلجسي أصل في الخطاب الشرعي، ومتسرب فيه وليس غريبا عنه كما يدعي معارضوه وقاد هاجس إدخال الفلسفة إلى التداول الفكري العربي ابن رشد إلى إرجاع معظم الآليات الاستدلالية في التداول العربي الإسلامي إلى النسق الأرسطي ، ودافع عن أن البرهان هو الإجراء الاستدلالي الأمثل الذي يناسب الفلسفة، وغير البرهان من الأدلة كالخطابية والجدلية فهي أساليب استدلالية ينتجها العامة، ولا تنفع في تحصيل اليقين الذي يولده البرهان، فالبرهان طريق الفلاسفة ( الخاصة) إلى اليقين وهو سبيل من نشد علمية المقال. وأبو الوليد قاده اعتقاده هذا إلى القدح في القيمة العلمية للخطاب الكلامي، لأنه خطاب لم يلتزم بآليات البرهان التي سنها أرسطو وتبناها ابن رشد.

أما أبو نصر الفارابي وهو أول من اجتهد في تقريب المنطق ونقله بعد الكندي، إذ وظف ألفاظا ومصطلحات من التداول العربي الإسلامي أثناء شرحه وتقديمه له، قد كان ممن انتصر للمنطق اليوناني انتصارا. يدل على ذلك إقباله على الحديث عن معان وقضايا عقلية، ومرجعيته في ذلك الفكر اليوناني([436]) ولا يفوتنا في هذا المقام إيراد ما قاله عنه الغزالي مجليا هذا المنحى المتمثل في إدخال التراث المنطقي اليوناني، ويضيف إليه في هذا المقام ابــن ســينا كذلك فيقول عنهما: " لم يهتم بنقل علم أرسطو طاليس أحد من متفلسفة الإسلاميين كقيام هذين الرجلين، وما نقله غيرهما ليس يخلو عن تخبيط وتخليط يتشوش فيه قلب المطالع حتى لا يفهم([437]).

فهؤلاء بعض ممن أشربوا في قلوبهم المنطق الأرسطي، واجتهدوا في صياغة المنطق الإسلامي على مقتضى الفكر اليوناني، مع تفاوت في طريقة إدخال هذا النطق، بين متبن للقوالب المنطقية اليونانية تبنيا مباشرا: كالشراح الأوائل ومن تبعهم. وبين آخرين ممن طلبوا تقريب المنطق اليوناني ، فأشبعوه بألفاظ ومفاهيم عربية إسلامية حتى يغدو أكثر تلاؤما مع التداول الإسلامي([438]).

إلا أن هؤلاء على تفاوتهم يتفقون في أن لا سبيل هنا إلى التخلي عن الحكمة والمنطق اليونانيين في طلب المعلومات وتحصيل المدلولات، ونقصد هنا بالضبط " البرهان " إذ أن علمية المقال لا يصار إليها بركوب إجراءات البرهان الصوري.

ولما كان اعتقاد هذا الفريق من الأصوليين والفلاسفة المسلمين بإدخال البرهان الأرسطي إلى التداول العقلي العربي، فإنه كذلك قد نشأ بشكل معاكس يناقض هذا التيار، ويرى بعدم حاجة الفكر الإسلامي إلى المنطق اليوناني. وقد اندرج المتكلمون ضمنهم، فالدليل الذي صاغه هؤلاء يتضمن من الكفاية التعقلية ما يغنيه عن الاتكاء على الدليل البرهاني الأرسطي . فالأول تكمن كفايته في قدرته على تحقيق المطالب الاستدلالية من دون الخروج عن المقتضيات التداولية للمجال المعرفي الإسلامي الذي يدور فيه ذلك الدليل . والثاني يلغي كل تلك الاقتضاءات التداولية ويقصيها. فما هو الأصل الاعتراضي الذي يقيم عليه هؤلاء ومن بينهم المتكلمون اعتراضهم على المنطق اليوناني ؟

معارضو المنطق اليوناني:

لم يتقبل المنطق الأرسطي لدى فئة من أهل النظر والفكر الإسلامي قبولا حسنا. فجافوه مجافاة غير مسبوقة، وارتدوا عنه إلى منطق اعتقدوا فيه الكفاءة في تحقيق المقاصد والمطالب الاستدلالية. ولم يكن ارتدادهم هذا وصدهم عن المنطق الأرسطي مجرد نزعة هوى، فلم يكن هؤلاء وهم مشارب معرفية مختلفة: كالفقه والحديث وعلم الكلام وعلم الأصول وعلم اللغة، لم يكونوا ليقيموا رأيهم من دون سند منهجي أو تصور محكم . بل كانوا يحتكمون إلى تصور ناضج يراعي طبيعة الاختلاف بين المجال المعرفي اليوناني والمجال المعرفي الإسلامي، حيث الأول نظري والثاني عملي.

وقد صرح الكثير منهم بالسبب الخاص الذي سلكه معارضو المنطق اليوناني ، ومنهم ابن تيمية مثلا الذي يقول " وكان للغزالي قانون وهو المنطق ، أما أبو بكر ابن العربي فقد وضع قانونا آخر مبنيا على طريقة أبي المعالي ومن قبله كالقاضي أبي بكر الباقلاني "([439]) فهؤلاء (أبو بكر ابن العربي وأبو المعالي والباقلاني) متكلمون التمسوا طريقا عدلوا فيه عن سبيل ابن يونان، وأقر بذلك ابن تيمية نفسه على لسان هؤلاء المتكلمين: "الطريق هو المرشد إلى المطلوب وهو الموصل إلى المقصود وهو ما يكون العلم "([440]). وكما قلنا فإن خلف هذا العدول عن المسلك اليوناني في مجال المنطق تتوارى مسوغات توجهه وتفسره كذلك. وهذا سامي النشار وهو يقتنص دوافع الأصوليين والمحدثين والمتكلمين عن قبول المنطق اليوناني، يصرح بأهمها فيقول:" يمكنني أن أستنتج ببساطة أن العلة في هذا هو أن المتكلمين لم يقبلوا ميتافزيقا أرسطو—وهي في جوهرها مخالفة لمتافزيقا القرآن. فكان من المحتم ألا يقبلوا منهاج البحث الذي استندت عليه هذه الميتافزيقا وبخاصة أن حقائق منطق أرسطو متصلة بحقائق ميتافيزيقاه ومرتبطة بها، ويقينية منطق أرسطو مرتبطة بيقينية ميتافيزقاه أيضا"([441]). فالتوافق الميتافيزيقي غير حاصل بين المجال اليوناني والمجال الإسلامي حتى يتسنى بموجبه نقل المنطق اليوناني وتوطينه في الممارسة العقلانية الإسلامية. ثم إن وظيفة المنطق الأصلية التي كان يراهن عليها في السياق اليوناني، كانت وظيفة نظرية إنتاجية غير موصولة بالعمل ونقيضه ما كان يقتضيه السياق الإسلامي، إذ على المنطق أن يمتزج فيه العلم والعمل والمعرفة والإدراك والتوجيه والتسديد([442]).

ولا يفوتنا ونحن نستعرض مسوغات إدبار نظار المسلمين عن المنطق التقليدي اليوناني أن نذكر بالمسوغ الحاسم الذي انتهضنا لبيانه في هذا العمل، وهو عدم وفاء المنطق التقليدي بالاستجابة لخصوصية الفكر الطبيعي ونقصد به الفكر الدائر باللغة الطبيعية. والقائم على قيم لا تنضبط بالضرورة لمبدأ عدم التناقض أو الثالث المرفوع . وكان قد انتبه إليه المتكلمون وهبوا لبيانه بانتقادهم لمبدأي عدم التناقض والثالث المرفوع.

لقد رأى أرسطو في مبدأ عدم التناقض شرطا لتحصيل الاتساق و الصحة واليقين وضمان علمية المقال فالشيء ونقيضه لا يمكن اجتماعهما في مكان واحد، كأن يكون الشيء موجودا ومعدوما في الآن نفسه، أو كأن يكون الفرد قائما أو قاعدا في الوقت ذاته. وقد خرج المتكلمون عن هذا المبدأ وجاوزوه ببيان إمكان حصول النقيضين معا في مكان أو مقام واحد .

فنطقوا بحقائق خرمت قواعد المنطق التقليدي. ومن ذلك قولهم (أي المتكلمون) في حالتي الاسم والمسمى: "الاسم هو المسمى وغيره، أو أنه لا هو المسمى ولا غيره " وقولهم في مسألة الذات والصفات: "إن الصفات هي الذات وغيرها أو إنها لا هي الذات ولا غيرها "([443]) ثم حديثهم عن القدرة الإلهية عند قول هؤلاء المتكلمين، قدرة الله تشمل الاثنين: الممكن والمستحيل"([444]). فتحصل بذلك ما يوجب تجاوز وخرم أشهر قانون من قوانين البرهان الأرسطي، ولم يعد ممكنا عندهم ضمان الاتساق بشرط الالتزام بقانون عدم التناقض. إذ الاتساق ممكن حصوله مع اجتماع النقيضين كما هو الحال مع الأمثلة التي عرضناها أعلاه.

إن معايير عدم التناقض، أو قل الاتساق هي ضوابط اصطناعية لا تجري في كل أنماط الخطاب أو كل أصناف الفكر، بل هي حبيسة الفكر أو الخطاب الصناعيين، متى خرجت عنه لم تعد قادرة على ضمان صلاحيتها وإجرائيتها. ولذلك فإن الفكر والخطاب الطبيعيين، ومنه الفكر والخطاب الكلاميان، له قوانينه التي تنسجم وطبيعة هذا الفكر وتسعفه في تحقيق مطالب الاتساق والإفادة. لذا وعى المتكلمون عاقبة إنزال المعايير الاصطناعية البرهانية على الخطاب الكلامي وهو خطاب طبيعي ، وتبينوا الآفة التي قد تنجم عنه. فانصرفوا عنه واستدبروه وهم يصوغون خطابهم أو ينشئون فكرهم .

وتكثر مسوغات الاعتراض على المنطق اليوناني لدى المعترضين من النظار المسلمين ، وتتسع دائرة الآليات المنطقية الأرسطية التي يشملها نقدهم لها. فابن تيمية على سبيل المثال لا الحصر ينتقد المنطق الأرسطي في كثير من صوره الاستدلالية والقضوية والمفهومية. وخرج بتصور للممارسة الاستدلالية الإسلامية موصولة بأصوله التداولية، تستجيب لطبيعة المتن الذي يطلب فيه الدليل عند المسلمين. وقد صاغ ابن تيمية هذا التصور الإسلامي للممارسة المنطقية بعدما صال وجال في المنطق اليوناني بتمكن وحكمة في آلياته ومبادئه، منتقدا الكثير من تصور أرسطو، كتصوره للحد أو الماهية، وتصوره للقياس وكذلك للقضية.

ويمكن إجمال نقده لهذه الإشكالات في مستويين: الأول مرتبط بصور تشكل هذه القضايا وطرق تعالقها وترابطها فيما بينها ونسميها المستوى الصوري، والثاني مرتبط بمضامين ومحاميل هذه الصور ونسميها المستوى المادي. وقد دفع انتقاد ابن تيمية لكثير من المبادئ المنطقية الأرسطية، إلى دعم الأساس التأصيلي والتداولي للنظرية المنطقية عند المسلمين. التي تتسع الآن لما يطرح اليوم حول المنطق الطبيعي وآلياته ومظاهره.

إن اعتراض المسلمين على النظرية المنطقية الأرسطية لم تكن توجهه خلفيات مجانية أو الرغبة في المخالفة والمغايرة فحسب، بل كان ذلك يستند إلى تصور منطقي واع ومتأصل، استوعب جيدا حجم المغامرة بين المجال اليوناني والمجال الإسلامي، سواء في الاعتقاد أو اللغة أو المعرفة. ولعل المنطق الكلامي، أو الاستدلال الكلامي إن شئنا التخصيص، يتنزل في هذا المنحي المنطقي الإسلامي الذي استنبت داخل الأصول التداولية، وأدرك المتكلمون كفاية آلياته المنطقية في تحصيل المطلوبات الاستدلالية في مجالهم، فصاغوا مسالك واجترحوا آدابها، طوتها كتبهم مدخرة تصورا منطقيا متكاملا. ومن شاء أن يؤنس يقينا من ذلك عليه بكتب آداب المناظرات وطرق الجدل([445]).

المنزلة النقدية للاستدلال الكلامي بين التيارات المنطقية الإسلامية الأخرى

لقد بينا سابقا أن الاستدلال الكلامي ممارسة عقلية موصولة بالأصول التداولية الإسلامية، ومفارقة للممارسة العقلية الوافدة من مجال مغاير. والمقصود هنا المنطق البرهاني الأرسطي. ولم تمنع الاستدلال الكلامي بهذه السمة من تلقيه انتقادا بلغ أحيانا مستوى حادا من نظار المسلمين ، من مجالات معرفية متباينة كالفقه والأصول والفلسفة إلخ ...وانشطر هذا الانتقاد شطرين: واحد خارجي ينتقد المسلك الذي أدبر فيه المتكلمون عن التقيد بمسالك البرهان الأرسطي، إذ جعلوا مطلوباتهم كلها مطلوبات متحققة بغير مسلك البرهاني ولا متقيدة به، والدليل يتحصل بغيره.

وثان داخلي ينتقد الممارسة الاستدلالية عند المتكلمين التي عملت على توسيع مجال العقل، وجعله أسبق من النص متى تعارض مع النقل. وسنلتمس هذا الاعتراض والانتقاد على المسلك الاستدلالي الكلامي من خلال نموذجين: الأول ابن رشد ويمثل الشطر الأول من الانتقاد: أي ذاك الشطر الخارجي الذي يعتمد على المسلك البرهاني الأرسطي معيارا لتقويم الاستدلال المنطقي عند المتكلمين. والنموذج الثاني يمثله ابن تيمية الذي تبنى الوجهة التي تولاها المتكلمون وهم يصدون البرهان الأرسطي في تعقيل أمورهم الكلامية.

ابن رشد

لقد وجه ابن رشد المشبع بآليات التعقل اليونانية، للممارسة الاستدلالية الكلامية نقدا حادا، وسوغ انتقاده هذا بعدم وفاء الطريق الاستدلالي الكلامي بالمسالك البرهانية .وإن شئنا تحديد مواضع الانتقاد الرشدي للدليل الكلامي، قلنا مسترشدين بما قاله صاحب تجديد المنهج في تقويم التراث([446]) وهو الذي حدد المآخذ الرشدية في مأخذين : أحدهما : " أن طرق المتكلمين غير صالحة للجمهور، لأنها طرق معقدة ومطولة ، بينما يحتاج الى طرق بسيطة وقليلة، ولا هي صالحة للخاصة، لأنها يقينية "([447]).

إنه بمقتضى هذه المآخذ، تكون الطرق الاستدلالية عند المتكلمين، غير محصلة لشرط الكفاية في تحقيق المقاصد الاستدلالية، لأن ما يطرحونه لا هو بسيط، حتى يصل إلى الجمهور، ولا هو يقيني حتى ينفذ إلى الخاصة. وكأن علم الكلام هو علم للعامة فقط. لكنه لا يلتزم بمسلك العامة في طلب الدليل، وإنما بمسالك معقدة ، يعدم العقل العامي القدرة على تعقلها. والذي يرومه ابن رشد تحت هاجس تسويغ إدخال الفلسفة، وخاصة الإلهيات على مقتضيات العقلانية اليونانية إلى التداول الفكري الإسلامي، هو بيان أن الممارسة الكلامية في تعقبها للدليل لن تحصل اليقينية التي هي معيار علمية المقال، أي أن الطريق الاستدلالي للمتكلمين طريق ظني، ومن ثم، فعلم الكلام هو أدنى مرتبة من الفلسفة، ما دامت هي تسلك مسلك البرهان، وعلم الكلام لا، وما دامت هي محصلة لليقين وعلم الكلام كذلك لا.

ثاني هذه المآخذ: أن طرق المتكلمين تخل بالعقل لأنها تخالف المبادئ المنطقية، مثل مبدأ عدم التناقض ومبدأ الثالث المرفوع "([448]).

إن مبدأ عدم التناقض والثالث المرفوع مبدآن حاسمان من مبادئ البرهان، وهما الضامنان لشروط الاتساق فيه، ومتى اضطرب هذان المبدآن تفككت أسباب الاتساق والتماسك. وقد تبنى المتكلمون أدلة لا تلتزم بالضرورة بهذين المبدأين، ومع ذلك لم يخرج خطابهما عن الاتساق، ولا سقط في الاضطراب، إن منطق الخطابات وخاصة الطبيعية لا يستقيم بالضرورة إلا متى التزم بشرط عدم التناقض وشرط الثالث المرفوع. فهذه العبارة مثلا لا تخل بالمعقولية متى تلفظناها بمظهرها الخارم لشرط الاتساق البرهاني:" هذا الرجل ليس برجل " إذ مع اجتماع متناقضين هنا (الإثبات والنفي) لم يسقط الخطاب في الاضطراب. ومثل هذا نجده في التداول الكلامي. مثل قولهم :"إن الصفات هي الذات وغيرها أو إنها لا هي ولا غيرها "([449]).

فلم يخرج هذا الخطاب عن الإفادة، لمجرد عدم وفائه بشرطي عدم التناقض والثالث المرفوع، وهذا حال الخطاب الطبيعي الذي لا ينضبط لهذين المبدأين، ومنه الخطاب الكلامي. ومتى كانت هذه طبيعة الخطاب الكلامي (خطاب طبيعي) ، صار طلب إجراء المنطق التقليدي، أو البرهان الأرسطي، وإسقاطه عليه ، كمن يطلب المحال.

ابن تيمية

لقد كان مدخل نقد ابن تيمية للمتكلمين، من جهة غلو هؤلاء في تسخير العقل في طلب قضايا الدين الأساس، مثل العلم بوجود الصانع وقدرته، وتأولوا كثيرا من النصوص التي ظنوا أنها تتعارض مع ما يقتضي به العقل([450]).

وقد اتسع نقد ابن تيمية للمتكلمين ليشمل الفلاسفة كذلك، فيرميهم معا بالصفة نفسها. ومن ذلك ما يرد في كلامه هذا: "إن الفلاسفة والمتكلمين من أعظم بني آدم حشوا وقولا للباطل، وتكذيبا للحق في مسائلهم ودلائلهم، لا يكاد والله أعلم ، تخلو لهم مسألة واحدة من ذلك"([451]).

و أصل الاضطراب الذي يشخصه ابن تيمية عند المتكلمين، آئل في نظره إلى طلبهم بالقياس مما لا يعلم بالقياس([452]). إن القياس في نظر ابن تيمية، وخاصة إذا كان قياسا أرسطيا، عكس الاستغناء عنه، ما دام ما يوجب ذلك، متحقق وقائم، وهو الفطرة، فما كان حقا موجودا، صدقت به الفطرة، وما كان حقا نافعا عرفته الفطرة، وأحيته واطمأنت إليه، وذلك هو المعروف. وما كان باطلا معدوما كذبت به الفطرة فأبغضته الفطرة وأنكرته([453]). ثم إن الله تعالى مما لا يجب تقديره بالقياس، إذ لما كان القياس ، لا ينعقد إلا متى كان تشابه بين الطرفين اللذين يجري عليهما القياس متحققا ، وحيث إن الله لا يماثله ولا يشابهه أحد ، فلا يصح إذ ذاك عقد القياس في حقه، لعدم وجود الطرف الشبيه وإنما يعلم الله بالفطرة. و يفصل ابن تيمية ذلك بقوله: "إن الطالب للعلم بالنظر والاستدلال، والتفكر والتدبر، لا يحصل له ذلك إن لم ينظر في دليل يفيده العلم بالمدلول عليه، ومتى كان العلم مستفادا بالنظر، فلابد أن يكون عند الناظر من العلم المذكور الثابت في قلبه، ما لا يحتاج حصوله إلى نظر فيكون ذلك المعلوم أصلا وسببا للتفكر الذي يطلب به معلوما آخر، ولهذا كان الذكر متعلقا بالله، لأنه سبحانه هو الحق المعلوم، وكان التفكر في مخلوقاته (...) لأن التفكير والتقدير يكون في الأمثال المضروبة والمقاييس، وذلك يكون في الأمور المتشابهة، وهي المخلوقات. وأما الخالق، فليس له شبيه ولا نظير. فالتفكر الذي مبناه على القياس ممتنع في حقه، إنما هو معلوم بالفطرة"([454])...

إن مأخذ ابن تيمية هذا، لم يكن ليحجب حقيقة تسليم ابن تيمية نفسه بوجود هذه الاستدلالات الكلامية ، فإنها القياس في الفطرة الإنسانية: مثل التلازم والسبر والتقسيم، والشكل الأول من القياس الحملي. ولم يمنعه نقده للمتكلمين، من الاعتراف ببعض ما جاء عندهم من الحق، وكان ذلك في سياق موازنته بين الفلاسفة والمتكلمين، إذ يقول: " المتفلسف أعظم اضطرابا وحيرة في أمره من المتكلم، لأن عند المتكلم من الحق الذي تلقاه عن الأنبياء، ما ليس عند المتفلسف"([455]).

و خلف هذا الاعتراف والإقرار بمزية المتكلمين من جهة تلقفهم الحق عن الأنبياء، تنعقد سمة يوسم بها الدليل الكلامي، وهو السمة التداولية. أي أن الدليل الكلامي في منشئه ومصدره، منتزع من أصل تداولي (القرآن والسنة ) سيدور فيه ويجري في مجاله. وكثير من المطلوبات إن لم يكن جلها لا يوصل إليها إلا بدليل يراعي الأصول التداولية لهذه المطلوبات .

Supplementary material
المصادر والمراجع
ابن حزم ، أبو محمد علي: الفصل في الملل والأهواء والنحل، تحقيق د .محمد ابراهيم نصر وعبد الرحمن عميرة ، بيروت ، بدون تاريخ
ابن رشد ، أبو الوليد محمد: فصل المقال في ما بين الحكمة والشريعة من الاتصال . تحقيق محمد عمارة ، دار المعارف القاهرة 1983
ابن رشد، أبو الوليد محمد: بداية المجتهد ونهاية المقتصد . دار الفكر بدون تاريخ
ابن رشد، أبو الوليد محمد: مناهج الأدلة في عقائد الملة. تحقيق د/محمود قاسم القاهرة 1964
ابن رشد، أبو الوليد محمد: تلخيص منطق أرسطو. تحقيق جيرار جيهامي . بيروت 1982
ابن سينا، أبو علي الحسين، الإشارات والتنبيهات. تحقيق د/سليمان دنيا ، دار المعارف القاهرة 1960
ابن تيمية، أحمد: كتاب الرد على المنطقيين، دار المعرفة بيروت. بدون تاريخ
حمو النقاري، المنهجية الأصولية والمنطق اليوناني من خلال أبي حامد الغزالي وتقي الدين بن تيمية . ولادة 1991
الرازي، فخر الدين محمد: المحصول في علم الفقه. دار الكتب العلمية بيروت 1988
الريسوني: المقاصد عند الإمام الشاطبي. منشورات الزمن . عدد 9
الزركشي ، بدر الدين بن محمد عبد الله: البرهان في علوم القرآن .لبنان 1977
الشاطبي ، ابراهيم بن موسى: الموافقات في أصول الشريعة . تحقيق الشيخ عبد الله . القاهرة بدون تاريخ
الشهرستاني، أبو الفتح محمد. الملل والنحل. تحقيق محمد سعيد الكيلاني . دار المعرفة . بيروت . 1975
الشوكاني ، محمد بن علي: إرشاد الفحول إلى تحقيق علم الأصول. تحقيق محمد سعيد البدري 1992
طبانبي مصطفى. المفكرون المسلمون في مواجهة المنطق اليوناني. ترجمة عبد الرحيم ملازمي البلوشي 1990
طه عبد الرحمن: في أصول الحوار وتجديد علم الكلام. المؤسسة الحديثة للنشر والتوزيع. الدار البيضاء . 1987
طه عبد الرحمن: العمل الديني وتجديد العقل . شركة بابل للطباعة والنشر الرباط . 1989
طه عبد الرحمن: تجديد المنهج في تقويم التراث. المركز الثقافي العربي الدار البيضاء . 1994
طه عبد الرحمن: اللسان والميزان أو التكوثر العقلي. المركز الثقافي العربي . 1998
الطوفي، نجم الدين. علم الجذل في علم الجدل. تحقيق فولفهارت هانريش . دار النشر فرانز ستاينر فيسبدن . 1987
الطوسي، أبو نصر الدين السراج: اللمع. حققه وقدم له وخرج أحاديثه عبد الحكم محمود طه عبد الباقي . مصر 1960 .
الغزالي أبو حامد، تهافت الفلاسفة . تحقيق د. سليمان دنيا ، دار المعارف القاهرة 1966
الغزالي أبو حامد، المستصفى في علم الأصول. تحقيق محمد مصطفى أبو العلا . 1971
الغزالي أبو حامد، معيار العلم في فن المنطق. تحقيق حسين شرارة. دار الأندلس للطباعة والنشر . بيروت 1964
الفارابي، أبو نصر. إحصاء العلوم . تحقيق الدكتور عثمان أمين . مكتبة الأنجلو مصرية . القاهرة 1968
الفارابي أبو نصر. المنطق عند الفارابي . تحقيق د .رفيق العجم ود .ماجد فخري دار المشرق 1985
مجموعة من الباحثين. أبو حامد الغزالي دراسات في فكره وعصره وتأثيره . منشورات كلية الآداب الرباط سلسلة ندوات ومناظرات رقم 9-1988
محمد محمد عبد اللطيف جمال الدين: قياس الأصوليين بين المثبتين والنافين. مؤسسة الثقافة الجامعية، مصر بدون تاريخ .
مصطفى سعيد الخن. أثر الاختلاف في القواعد الأصولية في اختلاف الفقهاء. مؤسسة الرسالة. 1972.
النشار، علي سامي. مناهج البحث عند مفكري الإسلام واكتشاف المنهج العلمي في العالم الإسلامي. دار العارف 1964
النويري محمد: علم الكلام والنظرية البلاغية عند العرب. تونس 2001.
المصادر والمراجع الأجنبية
Aristote 1991, Rhétorique, introduction de Michel Meyer; traduction de C.-E. Ruelle; revue par P. Vanhemelryck; commentaires de B. Timmermans, Paris: Librairie Générale Française (Le livre de poche. Classiques de la philosophie).
Blanché, Robert, 1973, Le Raisonnement, Paris: PUF.
Carrilho Manuel Maria, 1992, Rhétoriques de la modernité, Paris: PUF.
Jacob, Pierre, 1980, L’empirisme logique. Ses antécédents ses critiques, Paris: Les Éditions de Minuit.
Kerbrat-Orecchioni, Catherine, 1986, L’implicite, Paris: Armand Colin.
Latraverse, François, 1987. La pragmatique : Histoire et critique, Bruxelles: Pierre Mardaga.
Meyer, Michel (éd.), 1986, De la métaphysique à la rhétorique. Essais à la mémoire de Chaïm Perelman avec un inédit sur la logique, Bruxelles: Éditions de l’Université de Bruxelles.
Meyer, Michel, 1986, De la problématologie : Philosophie , science et langage, Bruxelles: Pierre Mardaga.
Meyer, Michel, 1993, Questions de rhétorique : langage , raison et seduction, Paris: Librairie Général Française.
Parret, H. & al. 1980. Le langage en contexte. Études philosophiques et linguistiques de pragmatique, Amsterdam: John Benjamins P.C.
Perelman, Chaïm et Lucie Olbrechts-Tyteca, 1958, Traité de l’argumen-tation : La nouvelle rhétorique, Paris: PUF.
Reboul, Olivier, 1991, Introduction à la rhétorique, Paris: PUF.
Robrieux, Jean-Jacques, 1993: Eléments de rhétorique et d’argumentation, Paris: Dunod.
Notes
حاشية
* mohamed.elmouden@uca.es
([403]) عبد الحميد العلمي، المنهج الأصولي في ترتيب أدلة الحجاج، مجلة كلية الآداب بفاس عدد خاص 7- 1991، ص 184.
([404]) المرجع نفسه، ص 185.
([405]) علي سامي النشار، مناهج البحث عند مفكري الإسلام، 1967 ص 114.
([406]) الشوكاني، إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول.
([407]) نفسه، ص 198. ، ص 198
([408]) محمد محمد عبد اللطيف جمال الدين، قياس الأصوليين بين المثبتين والنافين، ص 13.
([409]) الشوكاني، إرشاد الفحول، ص 198.
([410]) محمد محمد عبد اللطيف جمال الدين، المرجع نفسه، ص 87.
([411]) نفسه، ص 89.
([412]) مختصر ابن الحاجب، الجزء الأول، ص 247، نقلا عن المرجع السابق أعلاه ص 89.
([413]) الآمدي، الإحكام في أصول الأحكام، الجزء الثاني، ص 99.
([414]) محمد محمد عبد اللطيف جمال الدين، مرجع سابق، ص 96.
([415]) الفرق بين تصور المتكلمين الأصوليين (الفقهاء) حول القياس هو أن منهم من يعتبره ظنيا ومنهم من يعتبره يقينيا، كما أن فريقا منهم يضيف عناصر في عملية المقايسة يقصيها الفريق الآخر، فالأصل عند الفقهاء هو المقيس عليه والفرع هو المقيس، والجامع بينهما هو العلة. وقد أضاف المتكلمون إلى العلة الجامعة بين طرفي القياس الجمع بالشرط والدليل والحد...
([416]) الحجج شبه المنطقية،Les arguments quasi logiques .
([417]) أبو حامد الغزالي، معيار العلم، ص 59-60.
([418]) أبو حامد الغزالي المستصفى، ص 10.
([419]) حسان الباهي، طرق التدليل اليقينية والظنية بين المنظور الأرسطي والتقليد الإسلامي، رقم 83 - 2000 ص 91.
([420]) ابن تيمية، الرد على المنطقيين، ص 13.
([420]) ابن تيمية، الرد على المنطقيين، ص 13.
([421]) نفسه، ص 316.
([422]) الرد على المنطقيين، ص 7.
([423]) نفسه، ص 113.
([424]) نفسه، ص 201.
([425]) الغزالي، معيار العلم، ص 160.
([426]) الشاطبي، الموافقات، المجلد الأول، ص 29.
([427]) نفسه، ص 88.
([428]) ابن خلدون، المقدمة، ص 82.
([429]) الباجي، المنهاج في ترتيب الحجاج، ص 10.
([430]) سامي النشار، المرجع المذكور، ص 89.
([431]) سامي النشار، مناهج البحث عند مفكري الإسلام، ص 76
([432]) الإيجي، المواقف، ص 8
([433]) أبو نصر السراج الطوسي، اللمع، 1960 ص 150
([434]) الغزالي، معيار العلم، القاهرة، ص 103
([435]) الغزالي، المستصفى، 1/59
([436]) طه عبد الرحمان، تجديد المنهج في تقويم التراث 1994
([437]) أبو حامد الغزالي، المنقذ من الظلال 1967 ص 63-64
([438]) انظر طه عبد الرحمن 1994 ص 237
([439]) ابن تيمية، المقاصد، ج 1 ص 5
([440]) ابن تيمية، موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول، ج 1 ص 3
([441]) سامي النشار، مناهج البحث عند مفكري الإسلام، ص 87
([442]) طه عبد الرحمان، 1994 ص 292
([443]) الشهرستاني، الملل و النحل، ص 95
([444]) سامي النشار، مناهج البحث عند مفكري الإسلام، ص 143
([445]) انظر في هذا المقام، الإيجي وأبو المعالي الجويني على سبيل المثال لا الحصر
([446]) طه عبد الرحمن، ص 150
([447]) نفسه، ص 150
([448]) نفسه، ص 150
([449]) الشهرستاني، المرجع المذكور، ص 951
([450]) محمد خليل هراس، ابن تيمية السلفي، ص 38
([451]) ابن تيمية، نقض المنطق، ص 24
([452]) نفسه، ص 167
([453]) نفسه، ص 40
([454]) نفسه، ص 35
([455]) نفسه، ص 43
Buscar:
Contexto
Descargar
Todas
Imágenes
Non-profit publishing model to preserve the academic and open nature of scientific communication
Scientific article viewer generated from XML JATS4R