Servicios
Descargas
Buscar
Idiomas
P. Completa
الحضور الثقافي في الشعر العربي
أحمد طعمة حلبي
أحمد طعمة حلبي
الحضور الثقافي في الشعر العربي
Al-Andalus Magreb, núm. 25, pp. 1-24, 2018
Universidad de Cádiz
resúmenes
secciones
referencias
imágenes

Resumen: Este trabajo de investigación presenta una descripción preliminar amplia del concepto de existencia cultural en la poesía árabe. Su punto de partida es la necesidad de la poesía en la historia de la Humanidad. Define sus tres componentes de la siguiente manera: talento, experiencia y cultura. Prueba la existencia de la cultura en la poesía árabe a lo largo del tiempo, analiza sus formas y expone un concepto crítico contemporáneo como es la intertextualidad, y explica las razones detrás de la elección de un término diferente. Esta introducción depende de ejemplos tomados de la poesía árabe clásica y moderna. Esta introducción se considera una base teórica que amplía los términos y establece una base de crítica aplicada para futuros estudios que se dedican a la existencia cultural en la poesía árabe en general y en algunos países árabes en particular.

Palabras clave: Existencia cultural,Intertextualidad,Poesía árabe,Crítica aplicada.

Abstract: This research paper introduces a preliminary wide depiction of the concept of cultural existence in Arabic poetry. Its departure point is the necessity of poetry in the Humankind history. It defines its three components as follows: talent, experience and culture. It proves the existence of culture on the Arabic poetry overtime, then explain its forms and talk about a contemporary critical concept, which is intertextuality, and explain the reasons behind choosing a different term instead. This introduction depends on examples taken from both the classical and modern Arabic poetry. This introduction is considered a theoretical basis that implifies the terms and establishes a base of applied criticism for future studies that are devoted to the cultural existence in Arabic poetry in general and in some Arab countries in particular.

Keywords: Cultural existence, Intertextuality, Arabic poetry, Applied criticism.

ملخص: يقدم هذا البحث عرضاً تمهيدياً موسعاً لمفهوم الحضور الثقافي في الشعر العربي، فينطلق من ضرورة الشعر في تاريخ البشرية، ويحدد مكوناته الثلاثة، وهي: الموهبة والتجربة والثقافة، ثم يؤكد حضور الثقافة في الشعر العربي على مر العصور، ثم يوضح أشكال الحضور الثقافي، ثم يتحدث عن المفهوم النقدي المعاصر، وهو التناص، ويوضح سبب اختيار مصطلح الحضور بدلاً منه. ويعتمد هذا المدخل على شواهد وأمثلة شعرية من الشعر العربي القديم والحديث. ويعد هذا المدخل تمهيداً نظرياً يوضح المصطلحات، ويضع أسس النقد التطبيقي لدراسات مستقبلية مخصصة لظاهرة الحضور الثقافي في الشعر العربي عموماً، وفي شعر بعض الأقطار العربية خصوصاً

الكلمات المفتاحية: الحضور الثقافي, التناص, الشعر العربي, النقد التطبيقي.

Carátula del artículo

Artículos

الحضور الثقافي في الشعر العربي

أحمد طعمة حلبي
جامعة قطر, Catar
Al-Andalus Magreb
Universidad de Cádiz, España
ISSN-e: 2660-7697
Periodicidad: Anual
núm. 25, 2018


:مقدمة

الشعر فن إنساني راقٍ، يعبر المرء من خلاله عن عواطفه وأفكاره ومشاعره وتجاربه وخبراته في الحياة، حلوها ومرها، وبذلك فهو يلبي حاجة إنسانية، يعاني منها كل إنسان، ويمارسها كل إنسان، وممارسة الشعر لا تكون فقط بنظمه، إنما بالاستماع إليه، وقراءته، ومحاولة كتابته، ولذلك فما من امرئ إلا عرف الشعر، ومارسه بطريقة أو أخرى، لأنه تعبير فطري عن الإنسان، ويذهب بعض العلماء إلى التأكيد على وجود خلايا في الدماغ خاصة بنظم الشعر، مثلما فيه خلايا أخرى خاصة بتعلم اللغات وثانية خاصة بالرياضيات وثالثة خاصة بالموسيقى، وغير ذلك من الممارسات الذهنية، وهذه الخلايا تقوى وتنمو بالممارسة والتدريب والعمل بها، أو تضعف بالإهمال وتضمر فتموت.

وهكذا فالشعر ظاهرة إنسانية، عرفها الإنسان منذ القدم، وما يزال يعيشها، ويحتاج إليها، في صور وأشكال مختلفة، بالاستماع أو بالكتابة على وزن أو إيقاع أو حتى من غير وزن ولا إيقاع، وإنما في شكل فني يعبر به عن حالة أو موقف أو انفعال، ويتفق في هذه الحاجة الأمي والمثقف، والجاهل والعالم، والمرتحل في البوادي والصحارى، والمقيم في المدن والأرياف، والمغرق في التخلف، والمتقدم في الحضارة، وهم بعد هذا الاتفاق في الحاجة إلى الشعر يختلفون في أشكال كثيرة ومستويات.

وأقرب برهان على ذلك المرأة، فهي في الأعراس تطلق كلمات ذات إيقاع ومعان وصور وأخيلة، تعبر بها عن فرح، وهي لا تعرف وزناً ولا قافية، بل قد تكون أمية لا تقرأ ولا تكتب، وتفعل مثل ذلك في المآتم، وأقرب مثال على ذلك سائق الشاحنة، ولا سيما في الأسفار والمسافات البعيدة، فلا بد له من شريط مسجل إلى جواره، يستمع من خلاله إلى الأغنيات، وهي تلبي لديه حاجته إلى الشعر، وتملأ حسه ووجدانه، وتوقظه من غفوة، وتنشطه، وتسليه، مثله مثل الراعي في البوادي، لا بد له من الشدو والعزف على المزمار وإنشاد الأشعار، وكلاهما لا يعرف وزناً ولا عروضاً، إنما هي القريحة والحاجة.

وقد أشار ابن خلدون إلى مكانة الشعر عند العرب، فقال(1):”واعلم أن فن الشعر من بين الكلام كان شريفاً عند العرب، ولذلك جعلوه ديوان علومهم وأخبارهم وشاهد صوابهم وخطئهم، وأصلاً يرجعون إليه في الكثير من علومهم“.

والشعر يقوم على الموهبة أو القريحة أو الفطرة، فهي فيه الأساس، كما يعتمد على خبرات الحياة وتجاربها وما يكون فيها من أفراح أو أتراح، وهو ينضج بعد ذلك بالثقافة وما يمتلك المرء من معارف مختلفة الأشكال والأنواع، وعلى هذا فعماد الشعر الموهبة والثقافة وخبرة الحياة، وهي أمور ثلاثة تتفاوت في درجات حضورها في الشعر، ولكنها لا تتفاضل، ولا بد منها مهما كان الشأن، فهي حاضرة في الشعر القديم وفي الشعر الحديث، وفي شعر البدوي المرتحل وفي شعر الحضري المقيم.

والموهبة هي من المُسَلَّم بها، وكذلك خبرة الحياة، فلا بد من وجودهما، وكذلك الثقافة، مهما اختلف مستواها، أو شكلها، فلابد من حضور الثقافة في الشعر، فهي شكل من أشكال التعبير، بل هي وسيلة للتعبير، بها يقوى المعنى، وبها يحتج به.

وقد يقر أكثر الناس بوجود الموهبة والقريحة ووجود خبرة الحياة، ولكن قد يجادل أحدهم بالقول: وأنَّى للعربي في العصر الجاهلي الثقافة، وهو ابن الصحراء، وهل كان للثقافة حضور في الشعر الجاهلي؟ وكيف يكون للثقافة حضور في الشعر الجاهلي، وأصحابه هم أصحاب الفطرة والقريحة والموهبة الخالصة؟

:البحث

.إن للثقافة حضورها في الشعر الجاهلي، والمجتمع العربي في العصر الجاهلي كانت له ثقافته، وليس كما يذهب الظن إلى أنه لم يكن يملك ثقافة

وعن الثقافة يقول محمود محمد شاكر(2):”إن الثقافة تكاد تكون سراً من الأسرار الملثمة في كل أمة من الأمم، وفي كل جيل من البشر، وهي في أصلها الراسخ البعيد الغور معارف كثيرة لا تحصى متنوعة أبلغ التنوع لا يكاد يحاط بها، مطلوبة في كل مجتمع إنساني للإيمان بها، أولاً عن طريق العقل والقلب، ثم للعمل بها حتى تذوب في بنيان الإنسان وتجري منه مجرى الدم، لا يكاد يحس به، ثم للانتماء إليها بعقله وقلبه وخياله، انتماء يحفظه ويحفظها من التفكك والانهيار، وتحوطه ويحيطها حتى لا يفضي إلى مفاوز الضياع والهلاك“.

:وخير دليل على وجود الثقافة الأمثلة والشواهد، ومن ذلك قول زهير بن أبي سلمى(3)




فهو يشير في البيت الأخير إلى ناقة صالح، وهي التي انشق عنها الجبل بإذن ربها، لتمنح القوم لبنها، وكان في قريتهم نهر، وقد أذن لهم المولى تعالى أن يشربوا منه طوال الأسبوع، عدا يوم واحد، لا يشربون منه، ويتركونه لتلك الناقة كي تشرب، ولكن ثلة من أشقياء القوم سكروا وعربدوا وما كان منهم إلا أن عقروا الناقة، فغضب عليهم ربهم، ودمر القرية بمن فيها.

وهكذا فقد استعان زهير بن أبي سلمى بثقافته، وهي ثقافة تاريخية، تتعلق بالماضي، كي يعبر من خلالها عن معنى معاصر بالنسبة إليه، وهو يريد أن يعظ قومه، ويذكرهم بويلات الحرب ونتائجها الوخيمة، ويحذرهم منها، ولذلك أشار إلى تلك الناقة، وقال: إن نتائج القتل والقتال هي كنتائج عقر تلك الناقة، فكأن الناقة رمز للسلم والسلام وما يكون في السلم من أمان ورخاء وحياة، وكأن إشعال الحرب هو كعقر تلك الناقة، وما يجر من ويلات الموت والدمار.

والصورة التي أتى بها زهير راعبة، تملأ خيال المتلقي، وتبعث في ذهنه صورة عقر تلك الناقة، وما كان بعدها من دمار، بل تثير صورة الأشقياء الذين عقروها، وتكاد تقول إن الحرب فتنة، لا يشعلها إلا ثلة من الأشقياء يجرون على قومهم الدمار.

وهكذا اتخذ زهير من ثقافته وسيلة للتعبير، كي يؤثر في وجدان المتلقي، ويبتعث في خياله صوراً، وفي نفسه مشاعر وعواطف وانفعالات، ولم يكتف بالتعبير العادي، ولم تقم الأبيات على مجرد الوزن والقافية، ولا على محض الموهبة والقريحة، بل مزجت ذلك كله بالثقافة، فكانت النتيجة صورة شعرية بالغة التأثير، قوية التعبير، بعيدة مرامي المعنى.

ومثل ذلك إشارة النابغة الذبياني في معلقته، إلى نبي الله سليمان عليه السلام، وكان النعمان ملك الحيرة قد غضب على الشاعر، فمدحه بهذه المعلقة واعتذر :إليه، وفضله على الناس كلهم، واستثنى نبي الله سليمان، وأخذ يشيد بسليمان، وحكمه القوي العادل، وهو يذكر النعمان، فيقول(4)




والنابغة وهو يسوق قصة سليمان ويتكلم على حكمه العادل فكأنما يشير من طرف خفي إلى ضرورة أن يكون الحاكم قوياً وعادلاً يضع الحق في نصابه، فيكافئ المحسن ويعاقب المسيء، وكأنه يضرب بسليمان المثل، وتدل قصة سليمان على الحضور الثقافي في معلقة النابغة حضوراً واضحاً وموسعاً، وهو حضور تاريخي، حمل المعنى المقصود ودل عليه مباشرة.

ولا يكتفي النابغة بذكر سليمان، بل يشير إلى قصة زرقاء اليمامة، وكانت على ما يروى بعيدة النظر، ويروى أنها رأت سرباً من الحمام، ولم يكن عندها سوى حمامة واحدة، فقالت: لو كان هذه الحمام لي، مع حمامتي، ونصفه، لأصبح عندي مئة، وعدّ القوم أفراد السرب الطائر، فإذا هو ست وستون حمامة، وتدل هذه الحكاية على دقة نظرها، وسرعتها في العد، وحسن تفكيرها، وقد ساق النابغة تلك القصة في أثناء اعتذاره إلى النعمان ملك الحيرة، وهو يقول(5):




وملك الحيرة يعرف القصة، ولا شك في أنه ارعوى وأعاد النظر في غضبه على النابغة، وبذلك تكون ثقافة النابغة قد حضرت في القصيدة، وهو الذي وظفها للتعبير الفني غير المباشر عن المعنى الذي يريده، وقد ضرب بالقصة لملك الحيرة مثلاً ببعد النظر، والنابغة بهذه القصة يطلب من النعمان بصورة غير مباشرة أن يتروى في الحكم، وألا يستعجل الأمور، وأن يكون ثاقب النظر حاد الرؤية، دقيقاً في حساب الأمور، وما تزال القصيدة إلى اليوم تترك أثرها في نفس المتلقي، وتدل على جمال الحضور الثقافي في الشعر.

:وقد يكون للثقافة حضور مباشر بالنص مع قليل من التحوير، ومن ذلك قول طرفة بن العبد(6)




:فالشاعر يستحضر هنا بيت امرئ القيس من معلقته، وفيه يقول(7)




ولا يجري طرفة غير تحوير بسيط، بقوله: وتجلّد، بدلاً من قول امرئ القيس، وتجمّل، وهنا يكون للحضور الثقافي بعد فني وجمالي متميز، فهو يزين معلقته ببيت من معلقة امرئ القيس، لما لامرئ القيس من مكانة في العصر الجاهلي، ولما لشعره من جمال وخصوصية، وكأن طرفة يستشهد ببيت امرئ القيس لتكون قصيدته أقوى تأثيراً وأكثر سيرورة بين الناس، فهم سيذكرون هذا البيت المقتبس من امرئ القيس، ويرون فيه دعماً لموقف طرفة، وتأكيداً لقوة بيانه، مثلما يستشهد الخطيب أو الأديب في العصر الحديث ببيت من شعر أو حديث شريف أو آية كريمة، بل كأن طرفة بن العبد يستعين بصورة لا شعورية بلازمة أو عنصر ثابت أو تقليد في الشعر وهو البكاء على الأطلال، ولا يرى بداً من أن يأخذها بنصها من عند امرئ القيس.

:وكان امرؤ القيس نفسه قد أشار إلى أنه يقف بالأطلال ويبكيها كما كان ابن حذام من قبل قد وقف فيها وبكاها، حيث يقول(8)




.وامرؤ القيس إنما يشير بذلك إلى حضور ثقافي ماثل في وجدانه عبر عنه في شعره مباشرة، وهو حضور ثقافي صريح ومباشر

والأمثلة على هذا الحضور الثقافي في الشعر العربي كثيرة، منذ العصر الجاهلي إلى اليوم، ومن ذلك في العصر الحديث مثلاً إشارة الشاعر أحمد شوقي إلى وسامة يوسف الصديق عليه السلام، وما كان من بروزه للنسوة وهن أمام المائدة، إذ قطَّعن أيديهن وهن لا يشعرن، ذاهلات أمام وضاءته وتألقه، وهو يقسم بحسنه، ويرى أن أولئك النسوة يتمنين لو يبعثن ليرين حسن هذا الحبيب الذي يتغنى به الشاعر، فكأنه في حسن يوسف، وفي ذلك يقول(9):




وإذا كان طرفة قد تمثل بيت امرئ القيس وأدخله في قصيدته المعلقة، فإن الشاعر صلاح عبد الصبور اقتطع بيتاً لأحمد شوقي ووضعه في قصيدة له، حيث يقول(10):




فقد أراد الشاعر أن يعبر عن الحب في هذا العصر، وقد أصبح سريعاً، إذ بإمكان اثنين أن يلتقيا لمجرد نظرة، فالحب في هذا الزمان سريع، غير راسخ الجذور، وقد أراد أن يقرنه بالحب في العصور القديمة، بما فيها من رسوخ وقوة ونمو هادئ، فاستعان للتعبير عن ذلك ببيت لأحمد شوقي، وبذلك كان لهذا الحضور الثقافي في القصيدة دلالات واسعة، واختصر المعنى، وعمقه.

ومقابل هذا الحضور الثقافي الواضح والصريح والمعتمد على إثبات النص بحرفيته، هناك حضور ثقافي يعتمد على اللمح والإشارة وهو بعيد عن التصريح، ولكنه قريب المنال، لا غموض فيه، بل هو شفيف، ومنه على سبيل المثال قول الشاعر صلاح عبد الصبور في قصيدة له عنوانها ”الخروج“، وفيها يقول(11):







وواضح ما في النص من حضور ثقافي يشير بصورة شفافة وواضحة ولكن غير مباشرة إلى هجرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ليلاً من مكة إلى المدينة وقد ترك في فراشه ابن عمه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهذا الحضور الثقافي التاريخي أغنى الموقف، وأظهر المفارقة بين هجرة الرسول وخروج الشاعر، ولكنه عبر من خلال الحضور الثقافي عن هذا الخروج فأكسبه عمقاً تاريخياً وبعداً ثقافياً وغنى في الحس والشعور والوجدان.

وثمة شكل آخر من أشكال الحضور الثقافي بعيد جداً، يومأ إليه، ويستشف في الأعماق، ولا يمكن إدراكه إلا بعد طول تمعن وتفكير، وقد يمر سريعاً من غير أن يدرك، ومنه على سبيل المثال قول الشاعر بدر شاكر السياب في مفتتح قصيدته ”أنشودة المطر“، وفيه يقول(12):




فالشاعر يذكر امرأة لعينيها فعل، فبنظرة منها تدب الحياة في الكون كله، وإذا الكروم اليابسة الغصون والأوراق تورق وتزهر وتثمر، وترقص الأضواء في نهر حي جار متحرك، وهاتان العينان توحيان ”بعينين أخريين تختلفان عنها الاختلاف كله، هما عينا ميدوزا، وكانت تحيل إلى حجر كل من تقع عليه نظرتهما، ومثل هذا الفرق يزيد من قوة الإحساس بالعينين اللتين بنظرتهما تدب الحياة في الكون، والعينان اللتان تبعثان الحياة في الكون فتخضر الكروم بعد يباس تستدعي عشتار ربة الخصب والحب في الأساطير البابلية“(13).

وهكذا فإن في العمق من النص السابق يكمن حضور ثقافي خفي بعيد، لا يظهر إلا بعد قليل من التأمل، وهذا الحضور الثقافي يتمثل في أسطورتين، الأولى هي أسطورة ميدوزا، وهي أسطورة إغريقية قديمة، والعلاقة بينها وبين النص علاقة تناقض، والأسطورة الثانية هي أسطورة عشتار، التي تبعث الربيع والحب والخصب في الكون، وعلاقتها مع النص علاقة اتفاق، وهي تغني الممعنى، وتختفي وراءه في العمق.

وثمة شكل آخر من أشكال الحضور الثقافي، هو أكثر بعداً، وأشد عمقاً، لا يستبصر إلا بعد طول تأمل، ويتمثل في قول السياب في القصيدة السابقة، حيث يقول(14):




.والنص يقوم على الرمز الواضح، فالأفاعي رمز للطغاة المستبدين، الذين يسلبون الوطن خيراته، كأنهم الأفاعي يشربون رحيق الزهور

وفي الغور البعيد من النص تحضر أسطورة جلجاميش، فتلك الأفاعى التي تشرب الرحيق من زهرة يربها الفرات تستدعي في خيال المتلقي صورة الأفعى التي قضمت زهرة الحياة، في غفلة من جلجاميش، إذ نزل إلى البئر ليستحم، وهو الذي شقي في جلبها لصديقه أنكيدو، وقد تبدو العلاقة للوهلة الأولى غير وطيدة ولا مؤكدة، وهذا هو في الحقيقة جمال هذا الحضور الثقافي، فهو حضور خفي بعيد الغور، لا يكاد يصدق، بل لعل الشاعر نفسه ينكره، وهذا لا يغير في مسألة الحضور الثقافي أي شيء، لأن البحث عن الحضور الثقافي عملية نقدية، يمارسها النقد بحرية، ولا تحتاج إلى تأكيد الشاعر.

.وقد يكون الحضور الثقافي كثيفاً ومتتابعاً وبحاجة إلى ثقافة عالية من المتلقي كي يتعامل مع النص، ومن ذلك قول صلاح عبد الصبور(15)










فالنص حافل بإشارات مختصرة إلى شخصيات أدبية، قد يعرفها المتلقي، وقد لا يعرفها، أو قد يعرف بعضها ولا يعرف بعضها الآخر، ولكن يمكنه أن يتعامل معها من خلال الكلمات المفتاحية التي تعبر عن تلك الشخصيات، وهي تسأل الشاعر عن معنى تلك الكلمات الدالة على قيم عليا، ولكن الشاعر لا يملك الجواب، لأن تلك القيم أصبحت من الماضي، وماتت بموت أصحابها، ولذلك يهرب الشاعر إلى النوم، ولا يجد في صباح اليوم التالي غير أن يسأل عن معنى الصمت، وبذلك يكون كل شيء قد فقد معناه.

والحضور الثقافي واضح وشفيف، عبّر عن التجربة، ومثَّل الحالة، واستطاع نقلها إلى الملتقي بعيداً عن المباشرة والتقرير، وإن كان لا بد للمتلقي أن يبذل بعض الجهد في إدراك حقيقة التجربة التي تقدمها القصيدة، ولكنه ليس بالجهد الكبير، فالقصيدة واضحة وسهلة وبسيطة، وليس فيها شيء من الغموض والتعقيد، ولكنها تظل بعيدة عما ألف المتلقي العربي من مباشرة وتقرير، وتظل منتمية إلى الحداثة الشعرية، وقد أغناها هذا الحضور الثقافي الشفاف.

وهكذا يبدو الحضور الثقافي في الشعر ظاهرة مركبة، شديدة التعقيد، وليست بالأمر الشكلي البسيط، وهي ظاهرة فنية تقنية قديمة، تطورت في الشعر الحديث، وتطورت أشكال استخدامها.

ولعله من البديهي القول بعد ذلك إن للثقافة حضورها في فنون الأدب كلها، بل في فنون التأليف والتصنيف كافة، وكتب الجاحظ وأبي حيان التوحيدي ومؤلفات السيوطي والمعاجم وكتب التفسير والأخبار والتاريخ والجغرافية وغيرها كلها حافلة بالحضور الثقافي بمختلف أنواعه من قرآن كريم وحديث شريف وأشعار وأخبار وقصص ومرويات وما إلى ذلك من أشكال الثقافة، كما تطورت في المقابل أشكال درسها ونقدها.

إن الحضور الثقافي في الشعر ليس مجرد لعبة أو حيلة أو عملية قص ولصق، وليس ترفاً ولا زينة ولا بهرجة، وليس استعراضاً لثقافة الشاعر ولا إظهاراً لمعرفته واطلاعه، إنما هو في حقيقته جزء من العملية الإبداعية، وجزء من بنية النص، لا يمكن إسقاطه، وإذا أمكن ذلك افتراضاً فما هو بالحضور السليم، إن الحضور الثقافي في الشعر هو وسيلة تعبيرية، يراد من هذا الحضور التعبير عن التجربة، وتمثيل المعنى، وتعميق الفكرة، وترسيخ الانفعال لدى المتلقي، فالثقافة التي تحضر في النص الشعري يكون لها رصيد عند المتلقي من المعرفة والانفعال والحس والوجدان، فهي تحرك فيه كل هذه القوى، وتجعله يتعامل مع النص بما يملك من رصيد يحركه هذا الحضور الثقافي، فالحضور الثقافي يقيم علاقة حميمية بين النص والمتلقي.

وحين لا يكون المتلقي على معرفة بالحضور الثقافي، فإن المتلقي عندئذ سيضطر إلى تكوين معرفة تتعلق بذلك الحضور، وبعد تحقيق المعرفة، يقوى التعامل مع النص، ويتعمق، كأن يشير النص على سبيل المثال إلى أسطورة سيزيف، فإذا كان المتلقي لا يعرفها، فإنه سيتعرف عليها، ويدرك مثلاً أنها تحكي عن إنسان حكمت عليه الآلهة في الأساطير الإغريقية أن يدحرج صخرة إلى قمة جبل، كي يلقيها إلى الطرف الآخر منه، ولكنه ما إن يبلغ قمة الجبل، حتى تفلت منه الصخرة إلى أسفل الجبل، ويعيد ذلك الإنسان دفعها إلى الأعلى، ثم تسقط منه، وهكذا في محاولات مستمرة لا تنتهي.

ومثل هذه الأسطورة على سبيل المثال تكتسب من داخل النص الذي تحضر فيها معناها، وتقويه، وتعززه، ولا يمكن أن يكون للحضور الثقافي معنى ثابت، أو معنى خارجي يسقط على النص، بل إن معنى الحضور الثقافي يستمد من داخل النص، فأسطورة سيزيف على سبيل المثال قد تدل على الشقاء الإنساني وعذاب الحياة اليومية بما فيها من تعب لا ينتهي، وقد تدل على إحساس بالعبث والشعور بلا جدوى الحياة، وما هي إلا لعب أو لهو، بل قد تدل على قوة الإنسان وإرادته التي لا تعرف اليأس، فهو لا يعرف الكلل، ويظل يعمل على دفع الصخرة، بل قد تدل على متعة الإنسان في تكرار العمل الذي يمارسه، وهو يجد فيه متعة، ويحقق إنسانيته، لأن الصخرة إذا سقطت من الطرف الآخر انتهت مهمة الإنسان وانتهى عمله.

ومن الطريف أن يرى الشاعر عبد الوهاب البياتي في شخصية سيزيف رمزاً لشقاء الفقراء والكادحين والمظلومين من أبناء الطبقات الفقيرة، وهو يكني عنهم بالعبيد، ويرى أن شقاءهم يتجدد، بتجدد أشكال المستعمر، الذي يرمز إليه الوحش العنيد، فيقول(16):







وبذلك يدل البياتي على قدر غير قليل من التشاؤم، فشقاء الكادحين متجدد، ولا ينتهي، ولا نجاة من مخلب ذلك الوحش، فالبياتي على الرغم من تعاطفه مع الفقراء والمظلومين ودفاعه عنهم يظل متأثراً بروح الأسطورة التي تعني التكرار العبثي.

وفي هذا ما يدل على حرية الشاعر في فهم المادة الثقافية، وتفسيرها، وحرية توظيفها في النص بالمعنى الذي يريد، لأن المادة الثقافية مادة حرة مطواع، هي كالعجينة اللينة بين يدي الشاعر المبدع، يستطيع توظيفها وفق ما يناسب التجربة التي يريد التعبير عنها.

كما يبدو الحضور الثقافي قابلاً لتأويلات لا نهاية لها، بحسب علاقته مع النص، وموقعه منه، وليس ثمة معنى ثابت خارج النص يسقط على النص، إلا إذا تعامل النص معه بمعناه العادي الثابت.

وقد يكون الحضور الثقافي مباشرة في عتبة النص، ومن ذلك قصيدة نظمها الشاعر أبو القاسم الشابي عنوانها ”نشيد الجبار“، ووضع لها عنواناً فرعياً: ”أو هكذا غنى بروميثيوس“، وتروي الأسطورة الإغريقية أن بروميثيوس سرق النار من الآلهة وعرَّف عليها البشر، فغضبت عليه الآلهة وقضت أن يقيد إلى صخرة، ويأتي نسر ينهش كبده في النهار، حتى يأتي عليها، ثم تنمو في الليل، فيعود النسر إلى نهشها في النهار، وهكذا دواليك، والأسطورة رمز للإحساس بالألم والندم، وليس في القصيدة من الأسطورة شيء يتعلق بالأسطورة لا في اللفظ ولا في المعنى ولا في الموقف، فليس فيها شيء من الندم ولا الألم ولا الإحساس بالذنب، بل فيها تأكيد للتحدي، وإظهار لقوة الإرادة والتصميم على العيش على الرغم من المرض، والشاعر يذكر فيها النسر لا على أنه عقاب من الآلهة تنهش الكبد، بل على أنه رمز للقوة والعزيمة، ومهما يكن من أمر، فإنه لا سبيل إلى إنكار ما في القصيدة من حضور ثقافي، ومنها الأبيات الآتية(17):




ولكن لا بد من الإشارة إلى أن بعض الشعراء أثقلوا قصائدهم في بعض الأحيان بحضور ثقافي بعيد عن الثقافة العربية، وليس له رصيد في وجدان القارئ العربي، ولا يثير فيه الحس والشعر، وإنما يمنحه معرفة عقلية قد تكون جافة في بعض الأحيان، ومن ذلك على سبيل المثال المقطع التالي للشاعر بدر شاكر السياب، من قصيدته المعبد الغريق، وفيها يقول(18):




ويضطر الشاعر إلى أن يوضح ما في الأسطر الأخيرة من أسطورة، فيكتب في الحاشية: ”غانيميد الشاب اليوناني الذي أرسل إليه زيوس كبير الآلهة نسراً فاختطفه وأصبح ساقياً للآلهة“.

كما أغرق بعض الشعراء في حشد أشكال من الثقافة التاريخية والدينية والأسطورية والأدبية في نص شعري واحد، وهو ما يرهق القصيدة، ومن ذلك قول الشاعر عبد الوهاب البياتي(19):




فالشاعر يحشد ثقافات عربية وأوربية وشرقية وغربية ليدل على الفساد الذي نال العالم وعلى موت الشعر وقيم الحق والجمال وسيطرة الظلم والعدوان، ولكن مثل هذا الحشد يخاطب العقل أكثر مما يخاطب الوجدان، ويثقل النص بأعباء ثقافية.

والفن الشعري في تطور مستمر، فالشعر أشعار، وليس لوناً واحداً، فشعر المعري غير شعر المتنبي، وشعر أبي تمام غير شعر أبي نواس، والشعر في العصر العباسي غير الشعر في العصر الأموي، والشعر في العصر الإسلامي غير الشعر في العصر الجاهلي، فاللغة تتغير، والمعاني تتبدل، والإيقاع الموسيقي يختلف، وطبيعة الصور والأخيلة والتشبيهات والاستعارات لا تبقى على ما هي عليه، فلا بد من التجديد، وهو حاجة اجتماعية تظهر استجابة لتطور المجتمع وتغير العادات والتقاليد وتغير الأحوال، ولكن هذا لا يعني الانقطاع بين مرحلة ومرحلة أو جيل وجيل أو شكل وشكل، فالتواصل مستمر على الرغم من التطور والتجديد، وكذلك الحال بالنسبة إلى الثقافة، فهي نتاج الواقع، بما فيه من متغيرات، وهي أيضاً الفاعلة في الواقع، بما تحمل من قيم ومعان جديدة وأفكار.

والثقافة هي كل ما يبدعه العقل البشري من نتاج عقلي، من أدب وفن وقانون وشريعة وموسيقى وفلسفة ونحت وتصوير وعلوم، وهي أيضاً كل ما يقدمه العقل البشري من علم وصناعة وما يطور من دواء وأساليب العلاج وطرق العيش وأشكال الطعام ونظم البناء والعمارة وأساليب التواصل والاتصال، وهو نتاج يشارك فيه الفرد والمجتمع، وهو نتاج العلاقة بين الفرد والمجتمع، وهو في ظاهره نتاج فردي، ولكنه في حقيقته نتاج المجتمع، وحصيلة مرحلة تاريخية من التطور الاجتماعي والتاريخي والثقافي، إن أينشتاين ودارون وفرويد ويونغ هم أفراد مبدعون من غير شك، وما أتوا به هو نتاج عبقريتهم، ولكن ما كان من الممكن أن يوجدوا إلا بعد مراحل من التطور التاريخي والحضاري، بدليل أن أياً منهم لم يظهر عند الإغريق قبل الميلاد، وبدليل أن أي فيلسوف عند الإغريق لم يقل بمثل ما قاله أي من هؤلاء، لأن اللحظة الحضارية في القرن العشرين غير اللحظة الحضارية في القرن الثالث قبل الميلاد.

وهذا يعني أن الثقافة نظام اجتماعي يسهم فيه الأفراد، وهو نظام متغير متطور باستمرار، فهو مؤسسة اجتماعية، وهو منظومة قيم وعلاقات، ولا شك في أنها تختلف من مجتمع إلى مجتمع ومن عصر إلى عصر ومن مكان إلى مكان، وهذه هي سنة الحياة، وثمة جدل طويل حول العلاقة بين النتاج العقلي المعنوي في الفنون والآداب والفلسفة، والنتاج العقلي المادي في الصناعات والمواصلات والاتصالات والعلوم، أي النتاجين يؤثر في الآخر، وأيهما أكثر تأثيراً في المجتمع، ولكن يبدو أن علاقة التأثير والتأثر متبادلة ومن الصعب الحكم بالأولوية لأي من الطرفين(20).

وتتنوع مصادر الحضور الثقافي في الشعر، فمن حضور ثقافة دينية، إلى حضور ثقافة قصصية، إلى حضور ثقافة تاريخية، إلى حضور ثقافة أدبية. كما تتنوع أشكال الحضور، فمن حضور مباشر وصريح واضح، بالكلمة، أو الجملة أو المعنى، ومن حضور خفي طريف غير مباشر.

وقد يكون الحضور الثقافي في الشعر عن قصد ووعي، لغرض شعري أو هدف فني، كحضور بيت امرئ القيس في قصيدة طرفة، أو حضور بيت أحمد شوقي في قصيدة صلاح عبد الصبور، وقد يكون الحضور الثقافي بصورة غير واعية، ولا مقصودة، كما في الأمثلة الأخرى.

وقد تنبَّه القدامى إلى هذه الظاهرة في الشعر، وهي الحضور الثقافي، فدرسوه في باب السرقات، وتوسعوا في أنواعه(21)، كما صنفوه في باب الاقتباس والتضمين، وعدوا الاقتباس ما كان فيه حضور من القرآن الكريم أو الحديث الشريف، وعدوا التضمين ما كان فيه حضور من شعر الآخرين، وذكر القزويني(22) في ”التلخيص“ للاقتباس نوعين، الأول ما لم ينقل فيه المقتبس عن معناه، والثاني خلافه، وذكر للتضمين عدة أنواع، منها ما يتعلق بتضمين بيت أو أكثر أو تضمين شطر أو نظم منثور، وأشار القزويني إلى نوع أسماه التلميح، وضرب له مثلاً ببيت لأبي تمام يقول فيه:




وفيه يشير إلى قصة نبي الله يوشع الذي حارب الجبارين يوم الجمعة، ومالت الشمس إلى المغيب، ولم ينتصر عليهم، فخشي من دخول يوم السبت، فيضطر إلى وقف القتال، فدعا الله فرد له الشمس حتى فرغ من قتالهم. ومما لا شك فيه أن المتلقي هنا بحاجة أن يمتلك المعرفة بقصة يوشع حتى يدرك المقصود من تلك الإشارة الثقافية المكثفة والغامضة في الحقيقة، والتي نقلت المعنى بالإشارة والتكثيف الشديدين.

كما تحدث النقاد المعاصرون في الغرب عما أَسْمَوهُ التناص intertextual وهو بمعناه اللغوي دخول نص في نص، وهو بمعناه الأوسع والأحدث علاقة ما بين نص حاضر ماثل ونصوص أخرى سابقة أو معاصرة أو لاحقة تدعى النص الغائب، وهي علاقة يكتشفها القارئ، وهو بهذا المعنى آلية لقراءة النص، وهي قراءة حرة مفتوحة على آفاق واسعة، تدل على ثقافة القارئ، وتتعلق بالنصوص الظاهرة في النص أو الخفية تحت بنيته السطحية وفق ما يراه القارئ، وليس المقصود بالنص الغائب النصtext اللغوي المطبوع، وإنما الخطاب discourse ويعني أي شكل من أشكال الخطاب، أو التعبير بأي أسلوب أو طريقة أو وسيلة، من حركة أو إشارة أو عادات اجتماعية أو تعبير شعبي، ودراسة التناص هي التناصية intertextuality.

وقد ظهر مصطلح التناصية بالفرنسية intertextualitè أول ما ظهر عند الناقدة البلغارية جوليا كريستيفا (1941) بين عام 1966 وعام 1969 بعد استقرارها في فرنسة وأخذها بالمشاركة في النشاط النقدي، وتركيزها على دراسة النص، وقد تأثرت بالتيارات النقدية والفكرية السائدة من بنيوية وتفكيكية وسيميائة وماركسية، ولذلك نادت بأن النص هو عملية إنتاج، مثله مثل الإنتاج الاقتصادي، وأطرافه هي المرسل والنص والمتلقي، وفي النص تتقاطع نصوص كثيرة سابقة ومعاصرة، ولذلك فالنص ذو بنية سطحية، هي النص المطبوع بلغته وأصواته وحروفه، وذو بنية مستترة، هي المولدة للنص، ومن ثَمَّ تخلت عن النص الظاهر، وتبنت النص الخفي، وقد استعانت بمصطلحات كثيرة وبدلت في مفهوماتها، ولاسيما المصطلحات الرياضية، فاستعملت على سبيل المثال مصطلحfunction ويعني الوظيفة، ولكنها استعملته بمعناه في الرياضيات وهو الدالة وهي علاقة بين طرفين، وأخذت بقول الناقد الروسي باختين (1895 ـ 1975) بالعينة الدالة أو الأيديولوجيم idèologème ، فكل علامة تدل على أيديولوجيا قائلها، وكانت على وشك أن تستعمل هذا المصطلح، ولكنها استعملت مصطلح التناص الذي كتبت له السيرورة، وقد استوحت هذا المصطلح من دراسة باختين لأعمال ديستوفسكي Dostoevsky F. عام (1963)، الذي عُنِي بالحوارية dialogisme في روايات دستوفسكي، وأبرز تجلياتها عنده تعدد الأصوات polyphonie أي أن يتضمن الملفوظ مستويات لغوية متعددة، كما تأثرت بقوله إن الإنسان كائن اجتماعي وإن ذاته لا تتكون إلا من خلال علاقته مع الآخرين، وفي هذه العلاقة يستعمل اللغة وفق ما تحمل من علاقات من خلال استعمالات الآخرين لها، ولا يستعملها بمعناها البكر الأول، وآدم وحده الذي استخدم اللغة بكراً، خالية من أي ظل من استعمال سابق، على نحو ما يقول باختينMikhael Bakhtine ، فكل كلمة هي علامةmarqué مثقلة باستعمال الآخرين لها، ولذلك أيضاً ليس الأسلوب هو الرجل كما هو شائع وإنما هو المجتمع، وقد خلصت إلى أن ”كل نص ينبني كفسيفساء mosaïque من الاستشهادات citations أنه امتصاص وتحويل information لنص آخر“ كل نص ينبني كفسيفساء mosaïque من الاستشهاداتcitations ، وأنه امتصاص وتحويل information لنص آخر“.

وقد عمل في التناص عدد غير قليل من النقاد الغربيين منهم بلوم H. Bloom وشنايدر M. Schneider وبارت R. Barthes ودريدا J. Derrida وريفاتير M. Riffaterre ثمّ جينيت G. Genette وكان لكل منهم مصطلحاته، أو كان لكل منهم استعماله الخاص للمصطلحات السائدة بفهم خاص، وهذا ما دفع كريستيفا عام 1974 إلى التخلي عن المصطلح، إذ رأت أن معظم الذين استعملوه قد أساؤوا فهمه، وابتعدوا به عن النقد الجديد، وتحولوا به إلى نقد المصادر، وتبنت جوليا كريستيفا مصطلحاً جديداً هو التموضع transposition مؤكدة أن التناص ”تقاطع تحويلات متبادلة لوحدات منتمية لنصوص مختلفة“.

وميزت جوليا كريستيفا من خلال تعاملها مع الرواية بين نوعين من التناص هما التناص المضموني، والتناص الشكلي، ويعني النوع الأول ”توظيف بعض الأفكار أو المعلومات الواردة في كتاب معين في الرواية حسب السياقات التي تقتضي ذلك التوظيف“، أما النوع الثاني، فيتجلى من خلال ”مجموعة من التقاليد الشكلية التي سار عليها مؤلفو العصور الوسطى وهذه التقاليد على مستوى الألفاظ المستعملة أو الدلالات المعجمية الموظفة أو العبارات أو التراكيب، تنتقل إلى كتابة المؤلف منحدرة إليه من رصيده الثقافي الهائل الذي يصدر عنه أثناء ممارسته لعملية الكتابة“.

ويتضح هذا التمييز عند جيرار جينيت Gérard Genette ، وهو الذي قدم دراسة موسعة للتناص في فصل من فصول كتابه ”أطراس palimpsestes “ عام 1981 ويبدأ فيه بالحديث عن تطور فهمه للتناص وعن استعماله لعدة مصطلحات بديلة مثل ”النصية الموازية paratextualité “، ثم ”جامع النص l’architexte “ أو ”النصية الجامعة للنص“، أي: مجموع الأصناف العامة أو ”المتعاليات Les transcendantes “ (أنواع الخطاب، طرق التعبير، أنواع أدبية… الخ) التي تجعل أي نص متميزا، ثم يقترح ”الماوراء نصية la transtextualité “ أو ”التعالي النصي للنص la transcendance textuelle du texte “ الذي يعرفه بـ: ”كل ما يجعله في علاقة ظاهرة أو ضمنية مع نصوص أخرى“؛ وهو بذلك يستعمل ثلاثة مصطلحات في حوالي عشر سنوات بين وضع جوليا كريستيفا مصطلح التناص، وبحثه الذي يحدده هو نفسه بعام 1981 .

ثم يحدد خمسة أنواع من العلاقات الخاصة بالمتعاليات النصية، النوع الأول هو الذي وضعته جوليا كريستيفا Julia Kristeva تحت اسم ”التناص intertextualité “، ويعيد فهمه له، ويحدده بعلاقة حضور متزامن بين نصين أو عدة نصوص، ثم يضع له ثلاثة أشكال وهي الاستحضار eidétiquement ، أي بالحضور الفعلي لنص داخل آخر؛ بشكلها الأكثر جلاء وحرفية، وهي الطريقة المتبعة قديما في الاستشهاد citation (بين مزدوجتين، بالتوثيق، أو دون توثيق معين). أو بشكل ثان أقل وضوحا وأقل شرعية moins canonique (في حال السرقة الأدبية ”plagiat “؛ وهو اقتراض غير مصرح به، ولكنه أيضا حرفي. أو بشكل ثالث أقل وضوحا وأقل حرفية في حال ”التلميح l’allusion “؛ أي في ملفوظ لا يستطيع إلا الخيال الحاد تقدير العلاقة بينه وبين ملفوظ آخر، لما يلاحظه فيه من نزوع نحوه بشكل ما من الأشكال، وإلا فإنه يكون غير ملحوظ.

النوع الثاني يسميه النص الموازي paratexte ويمثله: العنوان، العنوان الفرعي، العنوان الداخلي، الديباجات، التذييلات، التنبيهات، التصدير، الحواشي الجانبية، الحواشي السفلية، الهوامش المذيلة للعمل، العبارة التوجيهية، الزخرفة، الرسوم، نوع الغلاف، وأنواع أخرى من إشارات الملاحق.

والنوع الثالث يسميه ”النصية الواصفة métatextualité “ وهو علاقة التفسير والتعليق التي تربط نصا بآخر يتحدث عنه، دون الاستشهاد به أو استدعائه، بل يمكن أن يصل الأمر إلى حد عدم ذكره.

والنوع الخامس هو ”النصية الجامعة l’architextualité “؛ ويتعلق الأمر هنا بعلاقة بكماء تماما لا تتقاطع -على الأكثر- إلا مع إشارة واحدة من إشارات النص الموازي التي لها طابع صنافي خالص مثل: العنوان البارز كما في ”أشعار“، ”دراسة“، ”رواية الوردة“… أو، في أغلب الأحيان، مع عنوان صغير كالإشارة إلى أن الكتاب رواية أو قصة أو قصائد… والتي تصاحب العنوان في أسفل الغلاف، وتحديد قانون أو معيار النوعية لنص ما ليس من شأن النص وإنما من شأن القارئ، من شأن النقد والجمهور.

والنوع الرابع: وقد أرجأ جيرار الحديث عنه عمدا لأنه هو وحده الذي سيشغله مباشرة، وهو ”النصية المتفرعة hypertextualité “ ويقصد بها كل علاقة تجمع نصا (ب) -ويسميه نصاً متفرعاً- بنص سابق (أ) يسميه ”نصاً أصلاً hypotexte “؛ يلقح منه بطريقة مغايرة لتلك التي نجدها في التفسير، يلقح منه كما في الاستعارة.

ويمكن أن يكون من نظام آخر؛ مثل: (ب) لا تتحدث قط عن (أ) ولكنها لا يمكن، في نفس الوقت أن توجد كما هي عليه بدون (أ)؛ يؤدي هذا إلى مصطلح مرتبط بعملية ينعتها به هو ”التحويل transformation “ إذ تستحضر (ب) العنصر ” أ “ بظهور أقل أو أكثر دون الاستشهاد به أو التحدث عنه بالضرورة.

الإنياذة L’Eneide وأوليس Ulysse هما، بدون شك، بدرجات متفاوتة، وهما بعنوانين مختلفين، عملان متفرعان لنص واحد أصل هو الأوديسا L’Odyssée . ينتزع جويس سلسلة من الأحداث والعلاقة بين الشخصيات ويعالجها بأسلوب مغاير تماما، أما فيرجيل فينتزع منها طريقة ما ويطبقها على أفعال مغايرة، أو بتعبير أكثر تحديدا: جويس يحكي قصة أوليس بطريقة مغايرة لهومير، وفرجيل يحكي قصة إيني بطريقة مشابهة لطريقة هوميروس؛ فهي تحويلات تماثل وقلب. هذا التعارض المبسط (قول نفس الشيء بطريقة مغايرة/ قول شيء مغاير بطريقة مشابهة) غير خاطئ بالنظر (أيضا إلى كونه يبالغ في إهمال التشابه الجزئي بين أحداث أوليس وإيني) وسوف نجد في التشابه الفعالية والمردودية في فرص أخرى أفضل، غير أنه ليس تشابها عاما، وسنرى ذلك أيضا، خاصة وأنه يخفي تباين درجات التعقيد التي تفرق بين هذين النوعين من العملية.

ثم ينبه جيرار إلى أن مصطلح ”جامع النص“ هو من اقتراح ”لويس ماران ليعين به ”النص/الأصل لكل خطاب ممكن، أصله ووسطه الذي أنشئ فيه“، وهو قريب مما يسميه هنا (hypotexte النص الأصل)، ثم يرى جيرار أنه حان الوقت لوجود مفوض commissaire لجمهورية الآداب حتى يفرض علينا مصطلحات متماسكة.

كذلك يشير إلى أن مصطلح النص الأصل hypotexte قد استعمل من قبل ”مييك بال“(23) . في معنى آخر، يشبه تقريبا ذلك الذي أطلقته ديما على (القص ما بعد الحكائي récit métadiégétique ). ثم يدافع عن هذا بقوله: ”حتما، لا شيء ينتظم أمره إزاء المصطلح، ولن نسمع من أحد يقول ”ما عليكم إلا أن تتحدثوا مثل سائر الناس“.

ومن كلام جيرار يمكن الوصول إلى بضعة مفاهيم، الأول أن المصطلح الواحد لا يمكن أن يكون نهائياً، ولا بد من تغييره، والثاني أن المصطلح الواحد يمكن أن تتعدد أشكال فهمه من ناقد إلى ناقد، بل يمكن أن يتغير فهمه عند الناقد الواحد بين حين وآخر، والثالث أن المصطلح لا يملك القدسية، ويمكن استعارته من حقل أو من شخص ويمكن تغيير معناه، والرابع أن عالم المصطلحات لا يمكن أن يحكم بقانون أو أن يخضع لسيطرة ما، بل إن جيرار يسخر ممن يرددون مثل الببغاوات كلام الآخرين، ومفهوم التناص بحد ذاته يلغي مفهوم المصطلح، ويؤكد تداول اللفظ والتحوير في الاستعمال، فالمصطلح نفسه يخضع لمفهوم التناصية.

وكثير من النقاد العرب يسمون هذا بفوضى المصطلح وينادون بوحدة المصطلح، وهو ما يختلف معه جيرار جينيت، ولعل مرجع دعوة النقاد العرب إلى العقلية السكونية الخاضعة للاستبداد والتي تطمئن إلى السيطرة، ولذلك يسخر جيرار فيقول: نحن بحاجة إلى مفوض في جمهورية المصطلح، أي بحاجة إلى مستبد ليوحد، في حين يعبر جيرار عن عقلية حرة منفتحة، ترفض التقليد والخضوع وتدعو إلى التغيير بل تمارسه(24).

وفي الواقع لقي مصطلح التناص الرفض والهجوم من بعض النقاد، فقد هاجم مينهوف Meinhof وسميث Smith جوليا كريستيفا في كتابهما: ”التناص والوسائل الإعلامية، من الجنس الأدبي إلى الحياة اليومية“، وقالا بأنها لم تؤسس أي معنى دقيق أو واضح لمصطلح التناص، ويرى جراهام ألن Graham Allen أن مصطلح التناص ليس مصطلحاً شفافاً فلا شيء أكثر من كونه أن يعني ما يتمناه أو يرغب فيه كل ناقد على وجه الخصوص“(25).

:خاتمة

رأينا فيما سبق أن مصطلح الحضور الثقافي أوسع من مصطلح التناص، ويمكن أن يشمل ثقافات ليست نصية، وليست لغوية، فقد يشمل ثقافات اجتماعية، كالعادات والتقاليد والممارسات اليومية والأعياد والطقوس، ولهذه الظواهر حضور في الشعر منذ القدم، ولها حضور كبير في الشعر الحديث. وتكفي الإشارة هنا إلى مديح النابغة الذبياني للغساسنة، فقد ذكر جودهم وكرمهم، وذكر حروبهم وانتصاراتهم وبطولاتهم، وهذا مما هو مألوف ومتعارف عليه، ولكنه ذكر عادات حضارية في مجتمعهم، ومدحهم بها، ومنها على سبيل المثال إشارته إلى أنهم يحتفلون بعيد السباسب، ويتبادلون أغصان الريحان، وأنهم يرتدون ثياباً بيضاً خالصة البياض، وعلى الأكتاف منها قطع قماش خضر، وأن لديهم ثياباً من حرير أحمر يعلق على المشاجب، وهم بعد ذلك لا يخصفون نعالهم، فهي رقيقة، وهذا دليل غناهم، فأحذيتهم دائماً جديدة، وبالإضافة إلى ذلك فهم عفيفون، وفي هذا يقول النابغة الذبياني: (26)







فالشاعر يذكر عادات وتقاليد اجتماعية، ولا يذكر نصاً لغوياً، ولذلك يبدو مصطلح الحضور الثقافي مناسباً لمثل هذه الظواهر في الشعر، حيث لا تكون ثمة علاقة بين نص ونص، إنما تكون ثمة علاقة بين وثقافة تتمثل في عادة أو تقليد أو طقس اجتماعي.

إن الحضور الثقافي الذي اخترناه عنواناً يتميز باهتمامه بحضور الثقافة في النص في المقام الأول، لكن هذا لا يعني إهمال النص، بل سيقوم البحث على تذوق النص وتحليله وتفسير حضور الثقافة فيه من داخله، وسيكون لحضور النص مصطلحاته وطرق تحليله وتفسيره النابعة من طبيعة هذا الحضور وشكله ونوعه وأسلوبه.

Material suplementario
Información adicional

BIBLID: [1133-8571] 25 (2018) 163-183

المصادر والمراجع
.القرآن الكريم
.امرؤ القيس، الديوان، تح: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف بمصر، القاهرة، ط 5، 1990
البقاعي، محمد خير، دراسات في النص والتناصية، بحوث مختارة ومترجمة لمارك أنجينو وليون سمفيل وجيرار جينيت مركز الإنماء الحضاري، حلب، 1998
بيومي عبد السلام، مصطفى، التناص مقاربة نظرية شارحة، مجلة عالم الفكر، المجلس الوطني للثقافة، الكويت، مجلد 40، العدد 1، يوليو، سبتمبر، 2011
.حافظ، صبري، الرحيل إلى مدن الحلم، اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1973
.ابن خلدون، المقدمة، تح: عبد الله محمد الدرويش، دار يعرب، ط 1، 2004
.زهير بن أبي سلمى، الديوان بشرح ثعلب، الدار القومية للطباعة، القاهرة، 1964
.السعدني، مصطفى، التناص الشعري قراءة أخرى لقضية السرقات، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1991
.السياب، بدر شاكر، الديوان، دار العودة، بيروت، 1971
.الشابي، أبو القاسم، الديوان، تح: أحمد حسن بسج، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 4، 2005
.شاكر، محمود محمد، رسالة في الطريق إلى ثقافتنا، الهيئة المصرية العامة للكتاب، مكتبة الأسرة، القاهرة، 1997
.شوقي، أحمد، الأعمال الشعرية الكاملة، دار العودة، بيروت، 1988
.طعمه حلبي، أحمد، التناص بين النظرية والتطبيق شعر البياتي نموذجاً، الهيئة العامة السورية للكتاب، دمشق، 2007
.عباس، إحسان، عبد الوهاب البياتي والشعر العراقي الحديث، دار بيروت، بيروت، 1955
.ابن العبد، طرفة، الديوان، تح: مهدي محمد ناصر الدين، دار الكتب العلمية، بيروت، ط.ثالثة، 2002
.عبد الصبور، صلاح، الديوان، دار العودة، بيروت، 1972
.عبد الصبور، صلاح، شجر الليل، دار الوطن العربي، بيروت، 1972
.عزام، محمد، النص الغائب: تجليات التناص في الشعر العربي، اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 2001
.القزويني، التلخيص في علوم البلاغة، شرح: عبد الرحمن البرقوق، المكتبة التجارية الكبرى، القاهرة
محبك، أحمد زياد، دروب الشعر العربي الحديث، منشورات جامعة حلب، حلب، 2005، ص 52
.مندور، محمد، النقد المنهجي عند العرب، دار نهضة مصر، القاهرة، 1969
.النابغة الذبياني، الديوان، تح: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، القاهرة، ط.ثانية، 1985
.ابن نبي، مالك، مشكلة الثقافة، تر: عبد الصبور شاهين، دار الفكر، دمشق، ط.عام 2000
.هدارة، محمد مصطفى، مشكلة السرقات في النقد الأدبي، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 1958
Notas
Notas
* البريد الإلكتروني: ahmadtuamahalabi@gmail.com
(1) .ابن خلدون، المقدمة، ج2 ص 396
(2) .شاكر، محمود محمد، رسالة في الطريق إلى ثقافتنا، ص 28
(3) .زهير بن أبي سلمى، الديوان بشرح ثعلب، ص 18-20
(4) .النابغة الذبياني، الديوان، تح: محمد أبو الفضل إبراهيم، ص 20-21
(5) .المصدر السابق، ص 24
(6) .طرفة بن العبد، الديوان، تح: مهدي محمد ناصر الدين، ص 19
(7) .امرؤ القيس، الديوان، تح: محمد أبو الفضل إبراهيم، ص 9
(8) .المصدر السابق، ص 114
(9) .شوقي، أحمد، الأعمال الشعرية الكاملة، ج 2، ص 122
(10) .عبد الصبور، صلاح، الديوان، ص 220
(11) .المصدر السابق، ص 235
(12) .السياب، بدر شاكر، الديوان، ج1، ص 474
(13) .محبك، أحمد زياد، دروب الشعر العربي الحديث، ص 52-53
(14) .السياب، بدر شاكر، الديوان، ج.2، ص 481
(15) .عبد الصبور، صلاح، شجر الليل، ص 62-65
(16) .عباس، إحسان، عبد الوهاب البياتي والشعر العراقي الحديث، ص 62
(17) .الشابي، أبو القاسم، الديوان، تح: أحمد حسن بسج، ص 11
(18) .السياب، بدر شاكر، الديوان، ج1، ص 184-185
(19) .حافظ، صبري، الرحيل إلى مدن الحلم، ص 191
(20) .ينظر، ابن نبي، مالك، مشكلة الثقافة، ص 19
(21) ينظر: هدارة، محمد مصطفى، مشكلة السرقات في النقد الأدبي. والسعدني، مصطفى، التناص الشعري قراءة أخرى لقضية السرقات. ومندور، محمد، النقد المنهجي عند العرب
(22) .القزويني، التلخيص في علوم البلاغة، شرح عبد الرحمن البرقوق، ص 422
(23) Mieke Bal & Eve Tavor, “Notes on narrative embedding”, Poetics Today, Vol. 2, No. 2, Narratology III: Narration and Perspective in Fiction (Winter, 1981), pp. 41-59
(24) في موضوع التناص ينظر: البقاعي، محمد خير، دراسات في النص والاتناصية، بحوث مختارة ومترجمة لمارك أنجينو وليون سمفيل وجيرار جينيت مركز الإنماء الحضاري، ص 123 وما بعدها. وعزام، محمد، النص الغائب تجليات التناص في الشعر العربي، ص 54 وما بعدها. وكتابنا: التناص بين النظرية والتطبيق شعر البياتي نموذجاً، الهيئة الهيئة العامة السورية للكتاب
(25) .بيومي عبد السلام، مصطفى، التناص مقاربة نظرية شارحة، ص 63ـ-64
(26) .النابغة الذبياني، الديوان، تح: محمد أبو الفضل إبراهيم، ص 47-48





































































Buscar:
Contexto
Descargar
Todas
Imágenes
Modelo de publicación sin fines de lucro para conservar la naturaleza académica y abierta de la comunicación científica
Visor móvil generado a partir de XML-JATS4R