Servicios
Descargas
Buscar
Idiomas
P. Completa
Naẓariyyat al-ḥubb ladà Ibn ˁArabī. Ḥaqīqat nafy al-ašwāq fī Turǧumān al-ašwāq [“La teoría del amor en Ibn ˁArabī. La realidad de la negación de las pasiones en Turǧumān al-ašwāq”]
نعيمة فراح
نعيمة فراح
Naẓariyyat al-ḥubb ladà Ibn ˁArabī. Ḥaqīqat nafy al-ašwāq fī Turǧumān al-ašwāq [“La teoría del amor en Ibn ˁArabī. La realidad de la negación de las pasiones en Turǧumān al-ašwāq”]
Al-Andalus Magreb, no. 22, pp. 81-101, 2015
Universidad de Cádiz
resúmenes
secciones
referencias
imágenes

ملخص: يتناول هذا المقال تبلوُر نظرية الحب لدى عالم متصوف أندلسي هو ابن عربي من خلال كتابه "ترجمان الأشواق"، والوقوف على العلاقة التي تربطه هذا الكتاب بشرحه الذي وضعه ابن عربي نفسه تحت عنوان "ذخائر الأعلاق"، ويبدأ المقال بالبحث عن دواعي تأليف ديوان ترجمان الأشواق، ثم تكوّن الذخيرة الغزلية بين ثناياه، ليعرج بعد ذلك على موقف ابن عربي من المرأة عامة ومن المحبوبة النظّام بشكل أخص.

الكلمات المفتاحية: الحب, ابن عربي,المرأة,الترجمان.

Resumen: “La teoría del amor en Ibn ˁArabī. La realidad de la negación de las pasiones en Turǧumān al-ašwāq”. Este artículo estudia cómo se refleja la teoría del amor en el sabio sufí andalusí Ibn ˁArabī a través de su obra Turǧumān al-ašwāq. Se ofrece un análisis de la relación entre este libro y el comentario escrito por el propio autor con el título de Ḏaḫāˀir al-ašwāq. El trabajo comienza investigando los motivos de la composición de la obra poética Turǧumān al-ašwāq, y luego la formación de los elementos de corte amoroso que incluye, para después analizar la postura de Ibn ˁArabī con respecto a la mujer en general y su amada al-Naẓẓām en particular.

Palabras clave: Amor, Ibn ˁArabī, la mujer, Turǧumān.

Abstract: “Love’s theory in Ibn ˁArabī. The reality of passions denial in Turǧumān al-ašwāq”. This paper examines how the theory of love is reflected in the Andalusian sufi Ibn ˁArabī through his work Turǧumān al-ašwāq. An analysis is provided of the relationship between this work and the commentary written by the author himself with the title of Ḏaḫāˀir al-ašwāq. The paper begins investigating the reasons for the composition of the collection of poetry Turǧumān al-ašwāq, and then the formation of love elements inside it, then it analyses the position of Ibn ˁArabī regarding women in general and his beloved al-Naẓẓām in particular.

Keywords: Love, Ibn ˁArabī, the woman, Turǧumān.

Carátula del artículo

Artículos

Naẓariyyat al-ḥubb ladà Ibn ˁArabī. Ḥaqīqat nafy al-ašwāq fī Turǧumān al-ašwāq [“La teoría del amor en Ibn ˁArabī. La realidad de la negación de las pasiones en Turǧumān al-ašwāq”]

نعيمة فراح
جامعة محمد الخامس بالرباط , Marruecos
Al-Andalus Magreb
Universidad de Cádiz, España
ISSN-e: 2660-7697
Periodicity: Anual
no. 22, 2015

Accepted: 30 January 2015


نظرية الحب لدى ابن عربي. حقيقة نفي الأشواق في "ترجمان الأشواق"

يعد الحب من أرقى العواطف الإنسانية الفياضة التي تميز الكائن البشري، وتضمن له استمرارا في الزمان، وتسمو بنفسه وبذوقه وبحسه. وقد تغنى به الشعراء، وكتب عنه الفلاسفة، وناقشه علماء النفس والاجتماع على امتداد الحضارات والأزمان. ولا يُستثنى من ذلك العرب شعراؤهم وفلاسفتهم الذين أدلوا بدلوهم في هذا الموضوع؛ إذ عرف الشعر العربي شيوع غرض الغزل، وكانت هناك أيقونات عربية للعشق منها جميل بثينة وقيس ليلى وكثيّر عزة وابن زيدون ولادة، كما حبّر الفلاسفة والأدباء والفقهاء كتبا ورسائل عن موضوع الحب، فضاهى العرب بكل هذا الإنتاج ما كُتب لدى ثقافات أخرى، وفي ذلك دليل على المشترك الإنساني لموضوعة الحب. ولم تشكل البيئة الأندلسية استثناء في طرح ومناقشة موضوعة الحب، بل عرفه رجالها وعرّفوا به، كيف لا وهذه البيئة قد تميزت بالتعايش على شتى المستويات، وكانت فضاء للبوح والتجريب واقتحام كثير من الطابوهات الاجتماعية.

وقد شكل عالمان جليلان منارة لموضوعة الحب هما ابن حزم وابن عربي، ولا مناص لكل باحث في الموضوع من الرجوع إلى ما كتباه، وسنحاول في هذا المقال التعرض لنظرية ابن عربي في الحب باعتبار أن ابن حزم نال حظه من المدارسة والتحليل.

ننطلق عبر هذا المقال من اعتقاد متواضع، هو أن ترجمان الأشواق لم ينل حتى الآن الدراسة الكافية التي يستحقها كنص قائم الذات، فحسب بحثي المتواضع لم أعثر في كل المصادر والمراجع التي رجعت إليها على واحد تناول "ترجمان الأشواق" بمعزل عن "ذخائر الأعلاق". والحق أنه من الصعب جدا بل من المستحيل الفصل بين المؤلفين معا، رغم أن ترجمان الأشواق نص في شعر الغزل، والذخائر والأعلاق نثر وشرح أراده صاحبه أن يكون وصفيا لغزله الحسي، لذلك فالإشكال الكبير الذي واجهناه تمثل في عدم التعامل مع ترجمان الأشواق وشرحه كنصين مختلفين، بل يمكن اعتبارهما وجهين لموضوع واحد: وجه محسوس وآخر معقول مجرد؟

دواعي تأليف "ترجمان الأشواق"

إن ترجمان الأشواق لا يجعلنا نتعب في البحث عن الأسباب والدوافع التي أدت بابن عربي إلى تأليفه، فهو نص يتطرق فيه صاحبه إلى كيفية نزوله وانبعاثه، ولنترك ابن عربي يبرر ويعلل فيقول: ... كان لهذا الشيخ رضي الله عنه بنت عذراء، طفيلة هيفاء، تقيد النظر، وتزين المحاضر، و تحير المناظر، تسمى النظام، وتلقب بعين الشمس والبهاء، من العابدات العالمات، السابحات الزاهدات، شيخة الحرمين، وتربية البلد الأمين الأعظم بالأمين، الساحرة الطرف، عراقية الظرف، إن أسهبت تعبت، وإن أوجزت أعجزت، وإن أفصحت أوضحت، إن نطقت خرس قس بن ساعد ، وإن كرمت خنس معن بن زائدة، وإن وفت قصر السموأل خطاه، وأعزي بظهر الغرور فامتطاه، ولولا النفوس الضعيفة السريعة الأمراض، السيئة الأعراض لأخذتُ في شرح ما أودع الله في خلقها من الحسن وفي خلقها الذي هو روضة المزن، شمس بين العلماء، بستان بين الأدباء، حقة مختومة، واسطة عقد منظومة، يتيمة دهرها، كريمة عصرها، سابغة الكرم، عالية الهمم، سيدة والديها، شريفة ناديها، مسكنها جياد، وبيتها من العين السواد. ومن الصدر الفؤاد أشرقت بها تهامة، وفتح الروض لمجاورتها أمكانه، فنمت أعراف العارف بما تحمله من الرقائق واللطائف ،علمها عملها، عليها مسحة ملك وهمة ملك فراعينا في صحبتها كريم ذاتها، مع ما انضاف إلى ذلك من صحبة العمة والوالد، فقلدناها من نظمنا في هذا الكتاب أحسن القلائد، بلسان النسيب الرائق أو عبارات الغزل اللائق، ولم أبلغ في ذلك بعض ما تجده النفس ويثيره الأنس من كريم ودها وقديم عهدها ولطافة معناها وطهارة مغناها، إذ هي السؤال و المأمول والعذراء البتول (...) فأعربت عن نفس تواقة، ونبهت على ما عندنا من العلاقة، اهتماما بالأمر القديم، وإيثارا لمجلسها الكريم"([1]).

وللزيادة في التوضيح يقول ابن عربي: "فكل اسم أذكره في هذا الجزء فعنها أكني، وكل دار أندبها فدارها أعني"([2]).

كان ابن عربي بحسب التراجم التي عرّفت به ذا حس مرهف وذوق، كما أنه تذوق نعم العالم المحسوس، و"النعيم في عالم المحسوس يزيد الأنس بالمعاني في عالم المعقول (...) والصوفية الأخيار كانوا في الأصل من عشاق الصور الحسية([3]).

الغزل في ترجمان الأشواق

يشكل الغزل الباب الذي يمكن العبور منه إلى ديوان ترجمان الأشواق. فالغزل، أي التعبير عن مشاعر الحب ووصف الحبيبة، هو الذريعة التي دعت ابن عربي إلى نظمه، وذلك تعبيرا عن حبه لفتاة تسمى بالنظام([4]). من هنا، يعرض هذا الفصل ملامح هذا الغزل وأهم مميزاته، كما وردت في الترجمان. وهنا لابد من طرح أسئلة أولها هو التالي: هل كان ابن عربي مبدعا أو متبعا لغيره من الشعراء الذين نظموا في الغزل؟

إن الشعراء الذين تقدموا على ابن عربي قد توزعوا في تغزلهم إلى غزل بدوي وآخر عذري، ففي الغزل البدوي الذي نراه في ترجمان الأشواق وقف الشاعر على الأطلال يتحسر على الأماكن التي عمرتها المحبوبة، ثم يتغزل بها بحسب معايير الجمال البدوي. أما في الغزل العذري، وهو النوع الآخر للغزل في ترجمان الأشواق، فإن الحبيبة قلما تظهر من خلال وصف المحب لها، بل تحتل مشاعر الأسى واللوعة التي تنتاب الشاعر جراء فراقه للحبيبة المساحة الأوسع في شعرهم([5]). ولا نغفل الغزل الذي اختطه عمر بن أبي ربيعة ومن سار على منواله، والذي تميز، إلى جانب التغزل بصفات المحبوبة الجسدية حسب المعايير البدوية وذكر مشاعر الأسى واللوعة، بإدخال عناصر السرد القصصي إلى الغزل، إلى جانب إشراك المحبوبة في التعبير عن مشاعرها تجاه الشاعر الحبيب([6]).

يمكن القول إن ابن عربي قد استمد عناصر غزله من هذه التيارات الثلاثة التي تمّ ذكرها، إذ ظهر تأثره بكل واحد منها مع إدخاله بعض عناصر الجدة التي تميز بها ابن عربي ووسمت نتاجه الأدبي. بعد هذا وجب التطرق إلى موقف ابن عربي من المرأة.

موقف ابن عربي من المرأة

ماذا تمثل المرأة في النظام الفكري الذي شيده ابن عربي؟ للإجابة عن هذا السؤال لابد من تحديد موقف ابن عربي من المرأة، والذي شهد تحولات ذات دلالات على المستوى الشخصي. فقد كان للمرأة حضورها في حياة ابن عربي. فقبل أن ينخرط في سلك المتصوفة، نجد أن لزوجته مريم دورا في تعرفه على هذا الطريق، كما كان لامرأة تدعى شمس الفقراء دور بارز في انخراطه أكثر فأكثر في هذا العالم، وقد كان يدعوها أمه الروحية.

لم تكن هذه العلاقة من الأنثى خالية من مواقف سلبية، وفي هذا يقول ابن عربي: "كنت من أكْره خلق الله تعالى في النساء وفي الجماع في أول دخولي إلى هذا الطريق، وبقيت على هذا نحوا من ثماني عشرة سنة إلى أن شهدت هذا المقام، وكان قد تقدم عندي المقت لذلك، فلما وقفت على الخبر النبوي، وأن الله حبب النساء لنبيه، وهو أحبهن بتحبيب الله إليه، زال عني ذلك المقت. وما يعلم قدر النساء إلا من علم وفهم عن الله ما قاله في حق زوجتيْ رسول الله عندما تعاونتا عليه. ومذّاك وأنا أكثر خلق الله رأفة بهن ومحبة لهن"([7]).

لقد أسس ابن عربي لنظام فريد([8])، لذا كان لزاما لفهم نظرة ابن عربي للمرأة عرض آرائه الوجودية ودور المرأة فيها، لأن فكر ابن عربي يتميز بخاصية نادرة، إذ أن أي نقطة يختارها الباحث للإبحار في فكر ابن عربي تحيل على نظامه الفكري كله. إنه فكر يقوم على بنية دائرية مماثلة لبنية الوجود التي أشرنا إليها. وككل بنية دائرية، ثمة مركز وثمة محيط، وبإمكاننا الانطلاق من أي نقطة على هذا المحيط([9]).

ولابد من التذكير بأن النقطة الأساس هي مفهوم ابن عربي للوجود وعلاقته بالخالق ودور الإنسان فيه، ككل، ذكرا كان أو أنثى، فهذا المفهوم هو الذي يوضح طبيعة الرمز الأنثوي ومدى علاقته بأفكار ابن عربي الأنطولوجية. فالإنسان هو آخر الموجودات، "فأول ما خلق الله العقل فهو أول الأجناس. وانتهى الخلق إلى الجنس الإنساني فكملت الدائرة. وما بين طرفي الدائرة، جميع ما خلق الله من أجناس العالم بين العقل الأول الذي هو القلم أيضا وبين الإنسان الذي هو الموجود الآخر"([10]). هذه الآخرية ليست آخرية في الزمان، إذ لا مدخل للزمان في تصور ابن عربي الدائري للوجود، فالإنسان والعقل يمثلان طرفي الوجود([11]) والإنسان أيضا هو "أول بالمرتبة وآخر بالوجود، فالإنسان من حيث رتبته أقدم من حيث جسميته"([12]). وهو في الوقت نفسه يتميز بصفتين متضادتين أخريين: الظاهر والباطن. فهو ظاهر لأنه موجود مكانيا وزمانيا، وهو باطن من حيث إن السماء الإلهية ظهرت كلها فيه "والآخر من حيث الصورة الكونية، والظاهر بالصورتين والباطن عن الصورة الكونية بما عنده من الصورة الإلهية"([13]). إن الصفات التي يلصقها ابن عربي بالإنسان إذ هي ذاتها صفات الخالق، فابن عربي يرى أن الخلق هو بمثابة مرآة لهذا الخالق وهما جوهريا شيء واحد([14])، وهما في حالة انجذاب مستمر من خلال قوة محددة وهي الحب والتي يعدّها ابن عربي المسؤولة عن الخلق. بهذا يطور ابن عربي مفهوم الحب الذي نادى به المتصوفة ليصل به إلى مستوى كوني.

كما يرى ابن عربي، ومن خلال هذا الحديث، أن عملية الخلق مرتبطة بالأنثى، ويُحصي المصطلحات المرتبطة بالذات الإلهية التي يجدها كلها مؤنثة: الذات الإلهية، الصفات الإلهية، الحقيقية، العين، القدرة وأمثالها([15]). ولما كانت الأنثى جزءا من الرجل، فإنها تصبح الجزء الخفي الذي يسعى الرجل إلى معرفته، ولا يستطيع أن يعرف نفسه، وبالتالي ربه، من دون معرفة الأنثى. هكذا تصبح الأنثى رمزا لوصل ما انقطع مع ربه([16]). وتصبح الذكورة والأنوثة رمزين لحالتين كونيتين، فكلاهما عنصران أساسيان في كل ما هو موجود. فهما القطبان اللذان يكمل بعضهما البعض: أحدهما ناشط- الذكر- والآخر متلق –الأنثى- وهذان القطبان في تفاعل مستمر، وهما مجتمعان معا من خلال قوة الحب"([17]).

يقودنا هذا النقاش إلى مفهوم ابن عربي لموضوع التجلي، لأنه المفهوم الذي يرتكز عليه فكر ابن عربي([18]). يتسرب لفظ التجلي إلى كل البنيان الفكري لابن عربي، ويتداخل مع نظرياته كافة. وبالتجلي يفسر إشكالية صدور العالم عن الذي لا يتغير. وهذا المفهوم مكون من عدد من المفاهيم التي تتفرع عنه.

يُعرّف ابن عربي التجلي بأنه "ما ينكشف للقلوب من أنوار الغيوب"([19]). ينطلق التعريف من أفكار ابن عربي الوجودية، إذ يوجد هناك عالمان: واحد روحي باطن وآخر أرضي ظاهر، وبينهما مستويات ومراتب وجود متعددة. فهناك مفهوم "التجلي الأسمائي"، وهو تجلي الأسماء الإلهية التي لا حصر لها ولا عدد بحيث تكون "أصل العالم وأصل الجوهر الفرد وفلك الحياة"([20]). أما التجلي الوجودي فهو التجلي الذي يكسب الموجودات وجودها، ومن دونها لا تكون موجودة لأنه يظهر فيها فيمنحها الوجود([21]). ولابن عربي تصور دائري للعالم كما ذكرنا آنفا، وبالاعتماد على التجلي الأسمائي يصبح الاسم الأعظم -لله الواجب- مركز هذه الدائرة. من محيط هذه الدائرة تمتد خطوط لكل نقطة من المحيط، وهي الأسماء الإلهية التي لا حصر لها ولا عدد. والدائرة هي دائرة أجناس الممكنات([22]).

إن العالم بأسره وبكل جزيئاته، كما يرى ابن عربي، وُجد وبقي على وجوده بالتجلي الإلهي، "فهو مجْل للحق، أي مظهر للأسماء والصفات الإلهية. وأتمّ مجْل أو مظهر هو الإنسان الكامل. "ففي الإنسان قوة كل موجود في العالم، فله جميع المراتب، ولهذا اختص وحده بالصورة، فجمع بين الحقائق الإلهية وحقائق العالم، فكان الإنسان أكمل الموجودات. فكل ما سوى الإنسان خلق إلا الإنسان فإنه خلق وحق، فالإنسان الكامل هو على الحقيقة الحق المخلوق به"([23]).

بحسب هذا المفهوم تصبح المرأة تجليا من تجليات المطلق في هذا العالم. وهذا المفهوم يعتمد بشكل أساسي على الحديث القدسي: "كنت كنزا مخيفا فأحببت أن أعرف، فخلقت الخلق، فتحببت إليهم بالنعم فعرفوني"([24]). فالمرأة هي إحدى هذه المخلوقات التي يرى ابن عربي أنها، عندما تكون محبوبة، تمثل الحق المتجلي فيما لا يتناهى من صور الجمال، سواء أكانت هذه الصور حسية أو معنوية أو روحية. وهو في استخدامه للرمز إنما يرمز بالاسم إلى حقيقة المسمى، وبالصورة إلى صاحب الصورة.

ينقسم مفهوم ابن عربي للتجلي إلى مراتب، وكل مرتبة لها وظيفة متعلقة بالخلق. ومما يلفت النظر أن إحدى المراتب التي يسميها ابن عربي "عالم الأمر أو العقول الكلية"([25]). في هذا المستوى، يشبه انبعاث النفس الكلية([26]) عن العقل الأول، كانبعاث حواء من آدم في عالم الأجرام([27]) ثم بالتوالد والنكاح بين العقل [مذكر] والنفس [مؤنث] تولدت عنه الطبيعـة – الهباء-([28])، ومن هذا التوالد يحصل توالد آخر في هذا العالم لينتج عنه العالم المحسوس([29]).

تكتسب الأنثى عبر هذا التحليل بعدا كونيا بحيث يجعلها رمزا للعطاء والخلق في هذا العالم، وفيها قبس من الخالق بحيث تصبح خالقة وليس مخلوقه([30]). فيقرر ابن عربي أن الواحد أحب أن يرى نفسه في صورة غيرية، يتجلى فيها ويرى نفسه من خلالها. ويتمسك ابن عربي بالمعنى الحرفي لكلمة أحببت، ويفسرها بالعشق الذي يسبب ضيقا في النفس، فيحاول العاشق التنفيس عن ضيقه بإخراج ما في صدره عن طريق التنفس([31]).

تشبه هذه النظرة إلى المرأة النظرة التي يكنها غلاة الشيعة كالإسماعيلية والنصيرية للسيدة فاطمة الزهراء، التي أنجبت الأئمة بحيث أصبحت "فاطمة فاطر"، أي الخالق بحيث حوتْ، إلى جانب كونها أنثى، صفة مذكرة وهي الخلق([32]).

ولعل من نتائج إرجاع ابن عربي المرأة إلى جوهرها الأنثوي، باعتبارها مصدر الوجود ومنبع العطاء؛ تغيرُ النظرة السائدة عن المرأة، فبعد أن كانت مشتهاة وموضوع الحب، أصبحت هي الصورة المثلى من بين الصور المتعددة التي يحب فيها الله، لأنها ليست سوى مجلى من المجالي الإلهية، ولأن أساس العبادة الحب، والله هو المحبوب والمعبود على الإطلاق([33]).

الترجمان بعيون الذخائر والأعلاق

من خلال التعامل مع نص ترجمان الأشواق وتابعه الذي وضعه ابن عربي الذخائر والأعلاق، وجب أن نقف أمام إشكالية كبرى تتمثل في كون نص شعري يدور حول فتاة تعيش في مكة، معروفة الهوية والنسب، أحبها الشاعر بكل جوارحه، وصرح بذلك في مقدمة المؤلف، تحوّل في طرفة عين إلى الحديث عن المطلق من منطلق المحدود دونما مقدمات وإشارات واضحة، إن ترجمان الأشواق لا يختلف في سياقه وتعابيره ومضامينه عن سياق الغزل العربي وتعابيره ومضامينه. بينما نلمس في الذخائر والأعلاق تقلبَ الترجمان رأسا على عقب بطريقة وأسلوب يجعلان القارئ للنصين معا يقف حائرا، أو متسائلا على أقل تقدير.

فما هي الآليات التي اعتمدها ابن عربي ليكون عمله في الذخائر ذا وجهة نظر منطقية؟ قبل الجواب، كان لزاما علينا، البحث عن الجذور التي نهل منها ابن عربي ليتمكن حسب تفكيره هو، من تحويل الغزل المحسوس إلى نظريات مجردة.

لم تكن جذور هذه الطريقة التي اعتمد عليها ابن عربي لبلوغ غايته غريبة عن الثقافتين العربية والإسلامية، بل كانت موجودة في علوم البلاغة العربية وتفاصيلها، والتي يمكن اعتبارها المنطلق الأهم لدراسة النص الصوفي، بشكل عام، وضمنه نتاج ابن عربي.

ولما كنا بإزاء عمل فريد في تاريخ الأدب العربي عموما والأدب الصوفي خصوصا، إذ يقوم ابن عربي بدور أساسي في توجيه القارئ أو المتلقي لهذا العمل بعد اتهامه من قبل بعض فقهاء حلب، كان لزاما البحث عن الآليات التي لجأ إليها ابن عربي حتى ينتقل بالدلالة في النص الشعري، ذي الطابع الغزلي، إلى دلالة أخرى من خلال نص نثري يعبر عن آرائه الوجودية ليصبح جزءا لا يتجزأ من نظامه الفكري الذي شيده وكان شديد الاتساق في تطبيقه في جميع ما كتب من مطولات ورسائل، جاءت جلها بعد ديوان الترجمان وبعد البحث عن الآليات، لابد من التعمق في الأسباب التي جعلت ابن عربي/ الكاتب يتدخل ليوجه القارئ.

يحتاج ذلك، بالطبع، إلى استعراض موجز لنتاج ابن عربي حتى تتوضح العلاقة العضوية التي يحاول ابن عربي إقامتها بين منظومه ومنثوره، وتوجيه القارئ نحوها من أجل فهم نص لم تتعامل معه جل الدراسات إلا في ازدواجيته.

غير أن النص الشعري – ترجمان الأشواق- والذي يدور في فلك التغزل بفتاة معروفة الهوية والشخصية والخصائص، يجعل لزاما على الباحث أن يحدد منهج ابن عربي في الغزل إذا ما كان صريحا، أم عذريا؛ ذلك لأن كثيرا من الباحثين يربط بين الغزل العذري والتصوف بحيث يبدو الغزل العذري وكأنه إرهاص للغزل الصوفي. فما موقع غزل ابن عربي في ترجمان الأشواق في ضوء أصناف الغزل التي عرفها الأدب العربي، والتي سبقت ابن عربي.

إذا كان ابن عربي اضطر غير باغ ولا عاد إلى شرْح ديوانه، فما عساه يكون حال قارئ طارئ؟ والحق أن غيرنا عاش هذه المفارقة وتكبد المشاق والمصاعب عند مقاربته لنصوص ابن عربي، ونستحضر هنا تجربة الباحث ابن العلاء عفيفي الذي هم بترجمة فصوص الحكم إلى اللغة الإنجليزية إذ يشرح لنا هذه التجربة قائلا: "أقبلت على قراءة كتب ابن عربي مبتدئا بالفصوص، فقرأته مع شرح الفاشاني عليه عدة مرات، ولكن لم بفتح عليّ بشيء، فالكتاب عربي مبين، وكل لفظ فيه إذا أخذته بمفرده مفهوم المعنى، ولكن المعنى الاجمالي لكل جملة وكثير من الجمل ألغاز وأحاج لا تزداد مع الشرح إلا تعقيدا وإمعانا في الغموض. وذهبت إلى الأستاذ([34]) أشكو حالي، وأذكره بأن هذه أول مرة استعصى فيها علي فهم كتاب باللغة العربية، فنصحني بترك الفصوص، والإقبال على كتب ابت عربي الأخرى. فقرأت منها نيفا وعشرين كتابا ما بين مطبوع ومخطوط؛ منها الفتوحات المكية، وهنا بدأتْ تتكشف لي معاني الشيخ ومراميه بعدما أصبحت على إلف بمصطلحاته وأساليبه، فلما عدت إلى الفصوص وجدته مع صغر حجمه خلاصة مركزة لأمهات تلك المعاني، ووضح لأول مرة ما كان مستغلقا"([35]).

إن عودة العفيفي إلى كتب ابن عربي هي ما يهمنا هنا كمثال لحالة الباحث مع الشيخ الأكبر، إذ انتهجنا مثله العودة إلى بعض آثاره الأخرى كوسيلة أساسية لفهم طبيعة نصي ابن عربي، المنظوم والمنثور، أي ترجمان الأشواق والذخائر والأعلاق لنلقي الضوء على هذه التجربة الفريدة، فكان كتاب الفتوحات المكية المصدر الأساس لأنه ضم عرضا لأفكار ابن عربي في أسلوب يمتاز عن سائر مؤلفاته بالتفصيل والتطويل الإيضاحيين، وكأنه أراد من فتوحاته أن تكون الموسوعة، أو المعجم المفصل، لنظرياته في التصوف والعرفان.

السؤال الذي يظل مطروحا وبقوة هو: لماذا المرأة؟ لماذا لم يختر وسيلة أخرى يعبر من خلالها عن علاقته بالمطلق؟ ما هو دور المرأة في نظامه الفكري الذي يظل مفتاحا أساسيا لفهم هذا النص/ الإشكال؟ ما هي أهم المفاهيم الوجودية التي يتبناها ابن عربي والتي تشكل خلفية هامة هي حقيقة استخدامه للمرأة سارع عبر الذخائر إلى جعلها رمزا للعلاقة مع المطلق في جل منتوجه ومؤلفاته، وكرمز صوفي بشكل عام، وكيف تعامل المتصوفة مع هذا الرمز، ثم كيف انتقل به ابن عربي وطوره، من خلال منظومته الفكرية ليصير ذلك الرمز- المرأة- حقيقة كونية خالدة تحكم نظام الكون؟

النَّظام كمثال تطبيقي

انعكست هذه الآراء الوجودية في ترجمان الأشواق على الكيفية التي أوّل بها ابن عربي رمز المرأة، بحيث أصبحت المرأة رمز الحكمة، فأنّى توجهتَ في هذا الديوان، تجد أن المرأة هي الحِكم الإلهية أو الواردات الإلهية التي ترد قلب العارف. والأمثلة كثيرة على هذه الظاهرة. فهي "فاتكة الألحاظ" لأنها تحصل للعبد وقت خلوته فتقتله عن مشاهدة ذاته([36]). وهي أسقفة من بنات الروم، "أي هي من عين التوحيد ليس عليها من زينة السماء الإلهية أثر كأنه جعلها ذاتية لا صفاتية"([37]). هنا تظهر أهمية هذه المعرفة ومدى قربها من الذات الإلهية، وهذا دليل آخر على تأثير آراء ابن عربي الوجودية على بنية هذا الديوان وتركيبه([38]).

عندما يستشهد ابن عربي بأسماء المحبوبات المشهورات اللواتي قيل فيهن من الشعر الكثير، تظهر وكأنها كنايات عن هذه الحقائق الإلهية في مثل قوله([39]):

فناد بدعد والرباب

وزينب

وهند وسلمى ثم لبنى

وزمزم

هذه الحقائق هي "الغادة التي تريك سنا البيضاء عند التبسم"([40]). إن ما يلفت النظر هنا هو شرح ابن عربي لهذه الحقائق، إذ يرى أنها "تتسابق إلى الكيان لتظهر آثارها." هنا أيضا يظهر تأثير مفهوم التجلي عند ابن عربي والذي سيظهر أكثر تباعا كلما تعمقنا في دراسة هذه الأبيات. ففي البيت التالي:

فأبدت ثناياها

وأومض بارق

فلم أدر من شق

الحنادس منهما

يتحدث ابن عربي صراحة عن "الحكمة المتجلية من حقيقة إلهية في صورة مثالية في مقام بسط... فأشرقت أرضي وسمائي"([41]). وهذه الحكمة يسعى إليها العارف ويشبهها بالمخدرات التي هن جاهزات لكي يعرس بهن([42]).

في موضع آخر يقول([43]):

فلو كنت تهوى الفتاة

العروبا

لنلت النعيم بها

والسرورا

تصبح الفتاة العروب "الصورة الذاتية التي يسعى إليها العارفون"، وهي أيضا "الطفلة اللعوب [التي] تعادى"، أي تتهادى من الحضرة الإلهية لقلب هذا العارف([44]).

يتكرر تشبيه الحكمة بفاتكة اللحاظ في مواطن متعددة من الديوان، لكن في هذا الموضع يركز على "اللحاظ" ليخلص إلى أن هذه الحكم هي نتاج "مشاهدة وكشف لا علوم إيمان وغيب، لكنها عن تجليات صور"([45]). وهذه الفكرة تتردد على طول الديوان([46]).

على سبيل الختم: الشعر ترجمانٌ لابن عربي

كان الشعر وسيلة ابن عربي للتعبير عن أفكاره الصوفية وآرائه الوجودية، وقد احتلّت هذه الآراء مساحة واسعة من الديوان، فالوجود واحد بالنسبة له، ولكن الأسماء الإلهية هي التي تكثّره([47]):

عين توحّد والأسماء

تكثّرهما

والكثر لا ينتهي فيهما إلى

أمد

وفي موضع آخر يقول([48]):

أسماءُ أسمائه الحسنى

التي تبدي

وما بأسمائه الحسنى التي

خفيت

هي الكثيرة بالأوتار والعدد

عن العقول سوى حقيقة

الأحد

والذات الإلهية بسيطة ومجرّدة، ولا يحدّها وصف ولا تعريف، ولا يعرف كنهها، فهي منزّهة عن كل وصف([49]):

الله أعظم أن يدرى فيعتقدا

مقيدا وهو بالإطلاق

معروف

ولكنه، في الوقت نفسه، يتجلى في صور المحدثات:

وهو الذي تدرك الأبصار في

صور

مشهودة فهو للأبصار

مكشوف

ولا يكون إدراك الذات الإلهية ووصفها إلا من خلال ما ندركه من العالم المحسوس الذي هو تجلّ للعين الوجودية في صور لا تعدّ ولا تحصى

قد يكون شعر ابن عربي أوضح تعبيرا وأسهل تناولا من كتاباته النثرية، لكنه لم يتمكن من التفصيل بسبب طبيعة الشعر التي طالما تجبر الكاتب على الاختصار، فيحتاج من يريد فهم هذه القضايا إلى شروحات وإلى الرجوع إلى كتاباته النثرية لكي تتوضح مقاصد ابن عربي فيها([50]):

ظهر الشعر أيضا في كتاباته النثرية، فهو يستشهد بشعر من إنشائه في بداية بعض الفصول في "الفتوحات المكية"، وكذلك في بعض الرسائل. فكأن هذه القصائد بمثابة المدخل والتوطئة للأفكار التي سيتناولها في رسالته أو في الفصل الذي سيطرحه في كتابه.

وأحيانا فإن الشعر لم يكن للاستشهاد، بل هو جزء لا يتجزأ من النص، فيه يعبّر من خلاله عن الأفكار التي يطرحها. وقد أوضح ابن عربي نيته هذه في مقدمة رسالة مواقع النجوم عندما قال:

"... ثمّ ختمْت الكتاب بفصل شريف، فيه مواقع نجوم ومطالع أهلّة، توضح مغلقات وترتب أدلة. وعزمْت أن لا أدع فيه لغيري نثراً ولا نظماً ولا أجعل لسواي عليه قضاء ولا حكما. فأنا في مجموع هذا الكتاب وغيره أتلقّى من الملك ما يرد به على الملك"([51]). إذن، فالنثر والنظم بمنزلة واحدة، كلاهما وسيلة للتعبير عن أفكاره، ويود ابن عربي أن يسبق الجميع في كليهما.

يلاحظ أيضا في شعره الموجود في تصانيفه النثرية بعض المقطوعات الغزلية، ولكنها ليست في محبوبة واضحة المعالم، بل يظهر أنّها تتحدث عن المطلق([52]):

البدر في المحو لا يجاري صحّ

له النور بعد محو ٍفي في

المحوصحّت له

في المحوصحّت له فأثنت

وفي تناهيه لا يحدُّ

ثم إليه يعود بعدُ

عليه لما أتاه يعدو

نستشف من خلال تأمل هذه المقطوعة الشعرية، منذ الوهلة الأولى أن ظاهرها الغزل، لكنها تتحدث عن المطلق ـ الله. وفي بعض المواطن يذكر اسم الله صراحة بشكل لا يحتاج إلى تأويل أو تفسير([53]).

لنار تضرم في قلبي وفي كبدي

فجُدْ عليّ بنور الذات منفردا جاد

الإله به في الحال فارتسمت

فصرت أشهده في كل نازلة

شوقا إلى نور ذات الواحد

الصمد

حتى أغيب عن التوحيد

بالأحد

حقيقة غيبت عقلـي عن

الجسد

عناية منه في الأدنى وفي

البعد

يلاحظ في هذا النوع من الغزل أن المقصود به هو الله دون واسطة؛ إذ أنّ الخطاب مباشر، وهذا يذكّرنا بالغزل الصوفي في مراحله الأولى والذي كان يخلو من رمز المرأة، ويقف هذا في طرف نقيض لترجمان الأشواق الذي يركّز ابن عربي حديثه فيه عن المرأة، والذي يخلو من أي ذكر مباشر صريح للمطلق. ما يلاحظ في مثل هذا الشعر هو ذكر المشاقّ والآلام التي يعاني منها، ويذكّرنا بالشعراء العذريين الذين كان يشيع في شعرهم ذكر مشاعر الأسى واللوعة، ويبقى الاختلاف بين الشعر العذري وهذه الأبيات أن الشاعر العذري يعاني ويكابد من أجل المرأة، وهذه الأبيات مكابدة في سبيل المطلق الحق. هذا الحق مرتبط بفكرة أنّ الوجود فقط هو لهذا المطلق، وبالتالي فإنّ من يحب، مهما كان هذا المحبوب، فإنه في الحقيقة يحبّ الله، ولكن من حيث لا يدري([54]):

ليس في الوجود

غيرُه تعالى

ما أرى محبا

إنّما هواه

ما أرى حبيبا

في هوى حبيبي

من يقول ربّي

إذ أقول ربّي

في هوى محبّ

أن يكون حبّي

من أحبّ حبّي

قد قضيت نحبي

والحبّ ضروري، فمن لم يمتلك قلبا محبّا فإنه لن يصل إلى المطلق، لأنه المفتاح الذي يفتح الباب أمام السالك([55]):

باب المعارف مفتوح لقارعه

وما ذاك إلا لمن في الدار من

حرم وصاحب الدار غيران وذو

مقة ولي يقرع هذا الباب

وكيف يقرع باب وهو مفتوح

والشخص ذو بصر والصّدر مشروح

في أهله والهوى رمز وتشريح

قليب به وجد وتبريح

إن هذه الأبيات التي استشهدنا بها تبين لنا أنّ ابن عربي يستخدم مصطلحات المحبّين، ولكن طبقا للمنهج الصوفي الرمزي، ورغم استعانته بعلم البيان بكل تلويناته ومعانيه، نستطيع الوصول إلى المبتغى المنشود من قوله وهو حب الله.

ولكنّ في المقطوعة (458)([56]) من الديوان، نشهد حضورا أنثويا حسيا واضحا، بل يمتدّ الأمر إلى أن يكون هناك نوع من التواصل الجسدي، والذي تمثّل في التقبيل والعناق وتشبيه قوام جسد الأنثى بالغصن:

هي لمّا لبستها سبحتْ

وأتت تلثم نعلي خدمة

ولقد عانقْت منها غصنا

وارتشفنا ريقة مسكيّة

حسبي الله تعالى وكفى

ولقد كان لنا فيه شفا

يخجل الغصن إذا ما

انعطفـــــا

الشّهد إذا ما ارتشفا

ما السبب في هذا التغيّر؟ فبعد أن كان التغزّل بعيدا عمّا هو حسي، يعود بنا ابن عربي ليتغزّل بفتاة، ويذكر مفاتنها الحسية، فيقدّم أجواء تجربة محمومة. للإجابة عن هذه الإشكالية لابد من الرجوع إلى المقطوعة التي سبقت المقطوعة الأخيرة، والتي تروي حادثة التقائه بفتاة جاءت تطلب لبس الخرقة الصوفية، وطلبت أن تتوب على يديه([57]). بعد هذه القصة مباشرة، تأتي المقطوعة (485) ولكنها مسبوقة بالأسطر التالية: "إلى هنا انتهى ما وقع في الحسّ من هذه الواقعة، وما أذكره بعد هذا هو مما وقع في النوم. وأما النظم فإنه كله في حال النوم. فكانت بشرى وهذا ذكْر ما بقي من النظم فيها." أيضا كان البيت الأخير الذي انتهت به هذه المقطوعة هو:

فانظروا المعنى الذي

أرمزه

في كلامي تجدوه في

الوفا

تتبادر هنا نقطتان أساسيتان، تقود الواحدة منها إلى الأخرى: الأولى هي أن هذه المقطوعة لا تنتمي إلى عالم الحسّ أو عالم الشهادة، بل إلى عالم آخر هو عالم الأحلام والرؤيا، وبالتالي لا تعبّر عن موجود حسّي، وإنما تنتمي إلى "عالم الخيال". أمّا النقطة الأخرى، فهي دعوة ابن عربي القارئ إلى أن يتنبّه إلى أن ما عرضه في هذه المقطوعة لم يكن إلا رمزا، أي أنه يدل على شيء آخر مفارق له، وهذا يعني تغيرا في الدلالة. هذا التغير ليس اعتباطيا، وإنما يحتاج إلى نظر وإعمال فكر، وهناك آليات اعتمدت تختلف عن تلك التي يمكن أن يحتاج إليها من يقرأ الأبيات التي ذكرت، والمتعلقة بالمحبّة الإلهية التي يذكر فيها الله بشكل صريح. إنّ أقصى ما يمكن أن تحتاجه مثل هذه الأبيات هي تفسير بعض المصطلحات التي يستخدمها ابن عربي بشكل متكرّر.

ملمح آخر لشعر ابن عربي خارج إطار ترجمان الأشواق هو أنّه يحوي مصطلحات صوفية تقليدية والتي لم يرد ذكرها في ترجمان الأشواق مثل: التوحيد، الحال والشهود والسلب والإثبات وغيرها([58]).

وبالعودة إلى ترجمان الأشواق نجد أن ابن عربي يحدد في مقدمة شرحه لديوان ترجمان الأشواق طريقته في التأويل، ويورد قصيدة من ستة عشر بيتا يضع قاعدته الأولى في التأويل ويسوق عليها الأمثلة([59]). ويطلب من القارئ أن يصرف نظره عن ظاهر الأبيات إلى باطنها([60]).

فاصرف الخاطر عن

ظهرها

واطلب الباطن حتى

تعلما

وظاهر هذه الأبيات تغزّل بالمحبوبة وذكر لمفاتنها ووقوف على الأطلال، وكلها معان مطروقة. وبحسب ابن عربي فإن هذا المستوى من التعامل مع النص يمكن تسميته بلسان "أهل الأدب" الذين تعارفوا على مثل هذا النمط من الكتابة. لكن هناك مستوى آخر ظهر من خلال الشرح، وهو المستوى الباطن الذي يحتاج إلى إبانة وإعمال فكر.

يشرح ابن عربي في مواطن كثيرة على امتداد الديوان ومن خلال ذخائر الأعلاق كيف أنه استطاع أن يؤول معنى حسيا ليصبح هذا المعنى دلالة على ما هو معنوي من خلال تحديد المشبه والمشبه به ثم وجه الشبه فيما بينهما، والأمثلة على ذلك كثيرة مثل([61]):

حملن على اليعملات

الخدورا

وأودعن فيها الدمى والبدورا

فالخدور التي تحوي عادة المحبوبة تصبح حاوية لأسرار من "العلوم والمعارف التكليفية"([62])، وتكون المعارف على حسب ما وقع من التشبيه، لأن المعارف متنوعة بالذي يريد صاحبها منها، يدل عليه بأمر يناسبه من وجهة ما لطيفة لدلالة غيبية.

يعرض في الموضع نفسه مثالا على طريقته في التأويل، وهذا المثال منتزع من تفسير القرآن وشرح آية النور المشهورة التي كانت محورا من محاور التفسير الصوفي، وفي هذا يقول: "مثل نوره كمشاة فيها مصباح، بشروطه من الزجاجة التنزيه الذي هو الجسم الشفاف الصافي والزيت المضاف إلى الاعتدال الذي لم يؤثر فيه إلا هو. فيعلم من هذا التشبيه أي نور أراد. وهكذا جميع الأمور التي يريد العارف أن يوصلها إلى الأفهام (...) فينبغي للناظر أن يتحقق من ذلك، ويمعن النظر فيه جهده، ولا يبادر ببادي الرأي فيسرع إليه الخطأ"([63]).

نستنتج هنا عدة نقاط أساسية يمكن تلخيصها على النحو التالي:

أولا: أن طريقة ابن عربي هذه في التأويل ليست طارئة في هذا النص، بل هي مستخدمة ضمن علوم أخرى على رأسها علم التفسير.

ثانيا: أن الهدف من استخدام التشبيه هو إيصال علم ما، وهذا العلم بحاجة إلى بذل الجهد وإعمال الفكر لكي يصل صاحب النظر إلى كنهه.

ثالثا: أن من يستخدم مثل هذا الأسلوب هو العارف، أي أن هذا التأويل مؤد إلى معرفة يحصلها المتأول، ولابد له من هذا الأسلوب لكي يصل إلى هذه المعرفة.

يدعي ابن عربي على مستوى ديوان ترجمان الأشواق أن التشبيه كان الوسيلة للجمع بين ما هو حسي وما هو إلهي. ويمدنا بالعديد من الأمثلة عبر شرحه " ذخائر الأعلاق" ففي قوله([64]):

ما نزلوا من منزل إلا

حوى

من الحسان روضة

وطواوسا

تتحول الطواويس إلى الأرواح الإنسانية المقيدة، لأن الطيور ممتزجة بين العالم الروحاني المطلق من حيث طيرانهم في الجو وسياحتهم في الهوى، وبين العالم الجسماني من حيث هيكلهم وتركيبهم. لذلك وقع التشبيه بها لأن الأرواح الإنسانية المقيدة بهذا الهيكل لم تخلص عنه تخلص الأرواح المسرحة التي لا تقييد لها بعالم الأجسام، لأنها مدبرة بأصل الفطرة.

هنا يعرض ابن عربي المشبه والمشبه به ووجه الشبه، وجه الشبه ليس مما يعد من الوجوه القريبة وإنما من الوجوه التي تحتاج إلى إعمال فكر وكد، وبالتالي هي من قبيل الاستعارة التخيلية.

في موضع آخر يقول:

سحبت غديرتها شجاعا

أسودا

لتخيف من يقفو بذاك الأسود

فالغديرة هي الحكمة التي شبهها بها "لتداخل المقدمات بعضها في بعض كتداخل الضفيرة"([65]) والأمثلة تتعدد كالغزلان التي تصبح علوما شوارد لأنها لا تضبط ولا يتصور بها([66]).

مما يلفت أيضا في هذا الباب هو استخدامه لفظة "كنى عنه" في أكثر من موضع. وهذه الكنايات من نوع الكنايات البعيدة التي تحتاج إلى واسطة([67])، فحادي العيس يصبح كناية عن الروح الإلهي الناطق([68])، والمطايا تصير كناية عن الهمم([69])، والغزال يصبح كناية عن المحبوب. ثم يشرح ابن عربي ذلك بناء على سببين: الأول لاشتقاقه من الغزل وهو التشبيه والمحبة والنسيب، والوجه الآخر هو الوحش الذي يألف القفز([70]). يظهر هنا اعتماد ابن عربي على أداة لغوية أخرى تتمثل في استخدامه لقواعد الجناس التام والناقص في البلاغة ليصل إلى ربط ظاهر اللفظة، حسب معانيها المعجمية، بمعنى باطني رمزي متجانس تتشابه الكلمات فيها بين لفظتها والرمز التي تومىء إليه، وهذا واضح في قوله([71]):

تهوي فتقصد كل قلب

هائم

لتخيف من يقفو بذاك الأسود

فالتي تهوي هي الحكمة، بحسب ابن عربي لأن الحكمة "عالية الأوج سامية المكانة" والهوي الذي ينزل من أعلى([72]).

ثم نلاحظ كيف أن التوراة في ترجمان الأشواق تصبح إشارة إلى النور، لأن معناها اللغوي، حسب طريقة ابن عربي في التعامل مع الألفاظ، من وري الزند، وكذلك الحال مع اسم سليمى التي تصير إشارة إلى حالة سليمانية ومثلها لبنى تصبح إشارة إلى اللبانة وهي الحاجة([73])، كما تؤول زرود، والتي هي اسم مكان في مكة، ورمال تغدو المعارف المكتسبة لأنها مفككة كتفكك الرمال([74]).

هذا النهج في التأويل الذي اختطه ابن عربي لنفسه في هذا الديوان، وجد من يسير على نهجه بحيث أصبح هذا الكتاب تأسيسيا لمدرسة الشروح الصوفية للشعر العرفاني.

وأشهر شراح الشعر الصوفي هم من ورثة ابن عربي، إذ ظهرت فجأة، وبعد وفاة ابن عربي، شروحات لأمهات كتب التصوف، وخاصة فصوص الحكم وتائية ابن الفارض ومنال السائرين لعبد الله الأنصاري، وتكاثرت بشكل لم يسبق له مثيل. كما أنها بمجملها اتبعت سياقا متشابها مما يدل على انتمائها لمدرسة تفسيرية واحدة ذات منهج واحد نجد أصوله مؤسسة من قبل مؤسس تلك المدرسة التفسيرية، بل إن هناك بعض الشارحين الذين ذهبوا في شروحاتهم إلى معان لم يقصدها مؤلفو من شرحوا لهم، وليس مستغربا، في هذه الحال، أن يكون صدر الدين القونوي، صهر ابن عربي وتلميذه، ثم عبد الرزاق الكاشاني والجندي والفرغاني، تلاميذ القونوي، ومن بعدهم القيصري، تلميذ الكاشاني، هم الأركان التي أسست مدرسة شرح "الأدب" الصوفي طبقا للمنهج التأويلي الذي رسخ ابن عربي أركانه في الذخائر والأعلاق كتذييل شرحي لترجمان الأشواق.

والحق أن "ترجمان الأشواق" نص لم يكن في حاجة إلى شرح من طرف ناظمه، ويمكن التعامل معه كمتن مستقل له قواعده وفهمه الذي تفرضه الكلمات المستعملة، ومدى استيعاب المتلقي لها، هذا الأخير هو الوحيد الذي له سلطة تصنيف الديوان، ووضعه في الخانة التي ينتمي إليها أصلا.

نستنتج إذن تعدّد نتاج ابن عربي وغزارته، وتنوّعه ليشمل نثرا وشعرا ورسائل وكتبا تجاوزت المائتين([75]). وهذه الغزارة في الإنتاج صاحَبها تنوّع في أسلوب الكتابة، إذ يلحظ وجود تيّارين بارزين في كتاباته: الأول يعتمد فيه التوضيح والشرح والتفصيل، والآخر يعتمد على التكثيف والتركيز الذي يقربهما من الغموض([76]).

ومن أبرز الأمثلة على التيار الأول، كتاب الفتوحات المكية الذي يعدّ موسوعة في عقائد الصوفية ومبادئهم. فهو يشرح مفرداتهم ومصطلحاتهم؛ إذ كان همه أن يوصل للقارئ معاني واضحة. ووسيلته إلى هذه الغاية هي "العبارة." يقول ابن عربي: "فكلّ علم إذا بسطته العبارة، حسن وفهم معناه، أو قارب وعذب عند السامع الفهم، فهو علم العقل النظري لأنه تحت إدراكه، وممّا يستقل به لو نظر"([77]).

والعبارة عند ابن عربي تتميز بقربها من القارئ، إذ لا يحتاج لبذل جهد عقلي للوصول إليها، وهي بعيدة عن التعقيد والرمز، وهي الوسيلة المثلى لعرض الأفكار بشكل واضح، وهي في الوقت نفسه تساعد على الشرح والتفسير، فيكثر استخدام أدوات التفسير مثل "أما"، ويقوم بتشريح المفاهيم الصوفية ويفكّكها إلى مكوناتها الأساسية؛ كما فعل عندما حدّد ابن عربي "طريق الخاصة إلى الله" على أنه يقوم على أربعة أمور هي: "البواعث والدوافع والأخلاق والحقائق"([78]). يقدّم شرحا لكل مفهوم ويفصّل فيه بدرجة أو بأخرى.

كان لاستخدام العبارة دوافعه المعرفية؛ فهو يحدّد ثلاث مراتب للعلوم: الأولى علم العقل، "وهو كل علم يحصل لك ضرورة أو عقيب نظر في دليل... وعلم الأحوال ولا سبيل إليها إلاّ بالذوق، فلا يقدر عاقل على أن يحدّها... وعلم الأسرار الذي هو فوق طول العقل"([79]). ولكل مرتبة وسيلة للتعبير عنها، والعبارة هي الوسيلة التي يعبَّر بها عن علم العقل. وهي لا يمكن استخدامها للتعبير عن علم الأسرار، لأن العلم إذا أخذته العبارة سمج واعتاص على الأفهام دركه وخشن، وربما مجّته العقول الضعيفة المتعصبة.

وقد جعل ابن عربي اللغة مستويات وكذلك الخطاب، ومن هذه الفكرة انطلق ابن عربي، بشكل خاص، والمتصوفة، بشكل عام، لأن التجربة التي سعى المتصوفة للتعبير عنها تشبه تجربة الوحي، أي القرآن، كون التجربة الصوفية "تجربة انفتاح على الأنا الباطني الموجود كله، وهذا الانفتاح مرهون بالقدرة على التواصل بين الأنا والكون"([80]). وهذا التشابه يؤدي إلى تشابه آخر، على المستوى اللغوي، بحيث أصبح لهذه اللغة دلالات متعددة ـ كونها خطاب للناس كافة. ولهذا الخطاب ظاهر وباطن؛ المستوى الظاهر ما يدل عليه الخطاب بدلالة اللغة الوضعية، وهو العبارة، في حين أن الباطن هو المستوى الأعمق، مستوى اللغة الإلهية المشار إليه. وهذان المستويان لا يمكن الفصل بينهما. ويمتدّ هذا التقسيم عند المتصوفة لتصبح اللغة الإنسانية مظهرا ومجلى للغة الإلهية، والتي هي بدورها تتجلّى في الوجود كله، لأن الوجود كلمات الله المسطورة في الآفاق، والقرآن كلمات الله المسطورة في المصحف. وتصبح بالتالي وظيفة "العارف" التغلغل من "ظاهر اللغة الوضعية إلى باطن اللغة الإلهية"([81]).

إن الوصول إلى باطن اللغة الإلهية يحتّم على العارف أن يمرّ بمستوى الدلالة الوضعية ليصبح بالتالي الظاهر "رمزا" لما هو خفي. وكان التأسيس للبنية الرمزية للنص القرآني المثال الذي احتذاه المتصوفة عند إنشائهم لنتاجهم الأدبي، بحيث أصبح استخدام منهج التستر في لغة الصوفي المعبرة عن تجربته تقليدا للنهج الإلهي في خطابه.

تركيب

نخلص في نهاية هذا المقال إلى القول إن هذه المساهمة العلمية قد حاولت إعادة الاعتبار إلى ديوان ترجمان الأشواق كنص لشعر الغزل، كان في لغته ومضامينه، امتدادا لما كان قبل ابن عربي، وهذا ما تعرضت إليه بتفصيل في هذا المقال؛ إذ قمت بدراسة الديوان مثله مثل أي ديوان آخر في الغزل العربي. لقد تعاملت مع هذا النص كوحدة قائمة الذات ألفاظها مألوفة ومعانيها واضحة، بل تغلبت عليها في أحيان كثيرة التقليدية.

لقد حاولتُ الخروج من نطاق الوصاية التي فرضها ابن عربي على كل مقترب من "الترجمان" عبر توجيهه في رحلة قد تبدأ من الظاهر إلى الباطن، من الترجمان إلى الذخائر.

وقد كانت وقود تجربة ابن عربي مع المرأة وقود عاطفة إنسانية جامحة، اختلطت فيها مشاعر المحبة مع الرغبة الجسدية، ولقد عبّر عن ذلك (1 بكل صدق، ولم ينكر هذه الرغبة؛ مما جعلنا أمام غزل حسي كما هو متعارف عليه عند العرب.

وهذا ما يدفع إلى الشك في مدى صدق ادعاء ابن عربي بأن ذلك الشعر يدل على ما يقوله في الشرح، فنحن أمام شعر غارق في المحسوسات بخلاف ما يقوله الشرح الذي يغدو دلالة موغلة في التجرد مما يجعل المسافة شاسعة بين النصين والزمنين ويبقى الإنسان- ابن عربي- واحد. إذن، فالشرح الذي وضعه ابن عربي لديوانه لم تنطل علينا حيلته، إذ أن النَّظّام ظلت متجلية لنا غير محتشمة على امتداد الديوان، وبقي جمال عيونها ورقة خصرها وسحر بسمتها وطيب رائحتها فائحة فائحة بين ثنايا القصائد وعلى جناح القوافي.

Supplementary material
Notes
حاشية
(1) ترجمان الاشواق، دار صادر، بيروت، 2003، ص. 8-9.
([2]) نفس المصدر والصفحة.
([3] ) زكي مبارك، التصوف الإسلامي في الأدب والأخلاق، دار الجبل، بيروت، 1/120.
([4] ) ترجمان الأشواق، ص. 8.
([5] ) كما في شعر جميل بن معمر وقيس بن ذريح وقيس بن الملوح، وخاصة عند قيس بن الملوح الذي يُعرف بالمجنون، إذ قلما تظهر الحبيبة بل تظهر مشاعر الأسى واللوعة والتي تصل حد الموت (ديوان العذريين)
([6] ) يقول ابن أبي ربيعة:

وذات وجد علينا ما تبوح به تحصى الليالي إذ غبنا لها عددا

تبكي علينا إذا ما أهلها غفلوا وتكحل العين من وجد بنا سهدا

حريصة أن تكف الدمع جاهدة فما رقا دمع عينيها وما جمدا

ديوان عمر بن أبي ربيعة، دار صادر، بيروت، 1992، ص. 98-99.

([7] ) الفتوحات المكية، الفتوحات المكية، تحقيق عثمان يحيى، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1972، 8/236.
([8]) Huda Lutfi, « The Feminine Element in Ibn Arabi’s Mystical Philosophie » in Alif : Journal of comparative Poetics, 1985, p. 8
([9] ) نصر حامد أبو زيد، هكذا تكلّم ابن عربي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2002، ص. 167.
([10] ) الفتوحات المكية، 1/125.
([11] ) نصر حامد أبو زيد، فلسفة التأويل: دراسة في تأويل القرآن عند محيي الدين بن عربي، دار التنوير، بيروت، 1983، ص. 157-158.
([12] ) الفتوحات المكية، 3/343.
([13] ) المصدر نفسه، 2/468.
([14]) Huda Lutfi, «The Feminine Element in Ibn Arabi’s Mystical Philosophie » p. 10.
([15]) Toshhiko Izutsu, Key Philosophical concepts (Tokyo: The Keio Institute Of Cultural & Linguistics Studies, 1966), p. 194-195
([16]) The Feminine Element in Ibn Arabi’s Mystical Philosophy, p. 13.
([17] ) الفتوحات المكية، 2/565.
([18]) Key Philosophical concepts, p. 195
([19] ) تعريفات الجرجاني، ص. 53.
([20] ). إنشاء الدوائر ويليه كتاب عقلة المستوفز، ويليه كتاب التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية، طبعة محققة، مكتبة عالم الفكر، مصر، (د.ت) ص. 16-19.
([21] ) سعاد الحكيم، المعجم الصوفي: الحكمة في حدود الكلمة، دندرة للطباعة والنشر، بيروت،1981، ص. 258.
[(22)] وهذا التصور الدائري يفسر ظاهرة أخرى هي حنين الإنسان إلى بدايته يقول ابن عربي: "إعلم أن العالم كروي الشكل لهذا حن الإنسان في نهايته إلى بدايته. فكان خروجنا من العدم إلى الوجود به سبحانه، وإليه نرجع كما قال عز وجل: [وإليه يرجع الأمر كله] وقال أيضا: [وإليه المصير] ألا تراك إذا بدأت وضع دائرة فإنك عندما تبتدئ بها لا تزال تديرها إلى أن تنتهي إلى أولها، وحينئذ تكون دائرة. ولو لم تكن الأمر كذلك لكنا إذا خرجنا من عنده خطا مستقيما لم نرجع إليه، ولم يكن يصدق قوله، وهو الصادق: [وإليه ترجعون] فكل أمر وكل موجود هو دائرة تعود إلى ما كان منه بدؤها، وأن الله تعالى قد عين لكل موجود مرتبة في علمه." (الفتوحات، 1/248)
([23] ) الفتوحات المكية، 2/396.
([24] ) ابن عربي، مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم، مؤسسة الرسالة، طهران، 1988، ص. 157، الفتوحات المكية، 3/325.
([25] ) الفتوحات المكية، 1/140.
([26] ) يقابل اللوح في القرآن.
([27] ) الفتوحات المكية، 1/139.
([28] ) أحد مستويات التجلي عند ابن عربي.
([29] ) الفتوحات المكية، 1/140.
([30] ) Mathnawi, Book 1, verse 2437 (ed. Nikholson, I, 155-56) ينظُر جلال الدين الرومي إلى المرأة نظرة مشابهة لابن عربي. فهي تمثل النوع الأكمل للجمال الإلهي على هذه الأرض. وهي تصبح الوسيط المثل والذي يمثل الجمال. وشراح جلال الدين الرومي، ومنهم والي محمد أكبر آبادي يتفقون مع ابن عربي على أن المطلق يتمظهر في هذا الكون وبشكل محسوس في هذا الكون ومن خلال الإنسان، وبشكل أكمل من خلال المرأة. Creative Imagination in the Sufism of Ibn Arabi, 338-339.
([31] ) هكذا تكلم ابن عربي، ص. 177.
([32]) Creative Imagination in the Sufism of Ibn Arabi, p.160
([33] ) آمنة بن علي، الحركية التواصلية في الخطاب الصوفي، اتحاد الكتاب العرب، دمشق 2001، ص. 74.
([34] ) يقصد المستشرق رينولد نيكلسون.
([35]) The mystical philosophie of Muhyddin ibn arabi, p. 21
([36] ) ترجمان الأشواق، ص. 15.
([37] ) المصدر نفسه، ص. 17.
([38] ) "الإنسان أرقى الموجودات وأعلاها من حيث إنه مجلى كل حقائق الوجود ومراتبه من جهة، وهو مجلى الحقيقة الإلهية من جهة أخرى... وهو أول الموجودات من حيث القصد الإلهي، وهو بالنية الأول والآخر." (الفتوحات المكية، 3/343) وهذه الفكرة ظهرت أيضا في ترجمان الأشواق: "... هذا الجسم الإنساني فإنه أعدل النشآت الطبيعية، ولذلك قبل الصورة الإلهية." (ترجمان الأشواق، ص. 57)
([39] ) ترجمان الأشواق، ص. 23.
([40] ) ترجمان الأشواق، ص. 24.
([41] ) المصدر نفسه، ص. 26.
([42] ) المصدر نفسه، ص. 38.
([43] ) ترجمان الأشواق، ص. 66.
([44] ) المصدر نفسه، ص. 79.
([45] ) المصدر نفسه، ص. 50، من كل فاتكة بطرف أحور من كل ثانية بجيد أغيد، هذه المعرفة والحكمة لها حنان على من تعشق بها (ترجمان الأشواق، ص. 91).
([46] ) ألا هل إلى الزهر الحسان سبيل / وهل لي على آثارهن دليل. في هذا البيت يرى ابن عربي أن الحسان هي المعارف التي تتحصل من خلال "التجليات الذوقية" (ترجمان الأشواق، ص. 191).
([47] ) المصدر نفسه، ص. 152.
([48] ) المصدر نفسه، ص. 139.
([49] ) ديوان ابن عربي، ص. 298.
([50] ) علي حيدر، مدخل إلى دراسة التصوف: الشعر الصوفي في القرن السابع الهجري والعصر المملوكي والعصر العثماني، دار الشموس، دمشق، 1999، ص. 66.
([51] ) محيي الدين ابن عربي، "مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم" في مجموعة رسائل ابن عربي، دار المحجة البيضاء، بيروت، 2000، ص. 255.
([52] ) ديوان ابن عربي، ص. 278.
([53] ) مجموعة رسائل ابن عربي، المجموعة الثالثة، ص. 279.
([54] ) ديوان ابن عربي، ص. 68.
([55] ) ديوان ابن عربي، ص. 101.
([56] ) المصدر نفسه، ص. 301.
([57] ) ديوان ابن عربي، ص. 300.
([58] ) ديوان ابن عربي، ص. 90؛ 308؛ 313.
([59] ) زكي محمود نجيب، "طريقة الرمز عند ابن عربي في ديوانه ترجمان الأشواق" في الكتاب التذكاري: محيي الدين بن عربي في الذكرى المئوية الثامنة، أشرف عليه إبراهيم بيومي مذكور، دار الكتاب العربي للطباعة والنشر، القاهرة، ص. 73-74.
([60] ) محيي الدين ابن عربي، ترجمان الأشواق، دار صادر، بيروت، 2003، ص. 11.
([61] ) ترجمان الأشواق، ص. 62
([62] ) المصدر نفسه، الصفحة نفسها.
([63] ) ترجمان الأشواق، ص. 62.
([64] ) نفسه، ص. 77.
([65] ) ترجمان الأشواق، ص. 93.
([66] ) المصدر نفسه، ص. 83.
([67] ) الإيضاح في علوم البلاغة، ص. 367.
([68] ) ترجمان الأشواق، ص. 68.
([69] ) المصدر نفسه، الصفحة نفسها.
([70] ) ترجمان الأشواق، ص. 80.
([71] ) ترجمان الأشواق، ص. 91.
([72] ) المصدر نفسه، الصفحة نفسها.
([73] ) المصدر نفسه، ص. 82.
([74] ) المصدر نفسه، ص. 83.
([75] ) تاريخ الأدب العربي، 4/379-417
([76] ) نصر حامد أبو زيد، هكذا تكلّم ابن عربي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2002، ص. 124.
([77] ) الفتوحات المكية، 1/146.
([78] ) المصدر نفسه، الصفحة نفسها.
([79] ) الفتوحات المكية، 1/139 – 140.
([80] ) هكذا تكلّم ابن عربي، ص. 138.
([81] ) نفسه، ص. 140 – 141.
Buscar:
Contexto
Descargar
Todas
Imágenes
Non-profit publishing model to preserve the academic and open nature of scientific communication
Scientific article viewer generated from XML JATS4R